قوله: بل طبع الله عليها بكفرهم، أي طبع عليها بعلامة كفرهم، كما تقول: طبع عليه بالطين، وختم عليه بالشمع.
ويجوز أن يكون قوله تعالى: «١» خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ [البقرة/ ٧] وصفا للذي ذمّ بهذا الكلام بأن قلبه ضاق عن قبول الحكمة والإسلام والاستدلال على توحيد الله تعالى وقبول شرائع أنبيائه عليهم السلام «٢» فلم ينشرح له ولم يتّسع لقبوله، فهو خلاف من ذكر في قوله تعالى: أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ [الزمر/ ٢٢].
ومثل ذلك قوله تعالى: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها [محمد/ ٢٤] ومثله: وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ [فصلت/ ٥] ومن ذلك قوله: «٣» وَقالُوا قُلُوبُنا غُلْفٌ [البقرة/ ٨٨] إنّما هو جمع أغلف، أي في غلاف كقوله: قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ، وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ [الأعراف/ ١٧٩] ويقوّي ذلك أن المطبوع على قلبه وصف بقلة الفهم بما يسمع من أجل الطبع، فقال: بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا [النساء/ ١٥٥] وقال: وَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ [التوبة/ ٨٧].
ومما يبيّن ذلك قوله تعالى: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصارَكُمْ وَخَتَمَ عَلى قُلُوبِكُمْ [الأنعام/ ٤٦] فعدل الختم على

(١) في (ط): قوله، بدون تعالى.
(٢) زيادة في (م).
(٣) في (ط): قوله تعالى.


الصفحة التالية
Icon