وأمّا قوله سبحانه «١»: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ [الإسراء/ ٧١] فقد يكون «٢» مثل الذي تقدمت «٣». ألا ترى أن قوله: وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلًا [الإسراء/ ٧٠] ماض كما أن قوله: وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ [فصلت/ ١٨] كذلك. و (ندعو) مستقبل كما أن (يحشر أعداء الله) كذلك؟ فتجعل الظرف بمنزلة إذا، كما جعلته ثمّ بمنزلته، فيصير التقدير: إذا دعي كل أناس بإمامهم لم يظلموا أو عدل عليهم ونحوه.
فأمّا الباء في قوله: (بِإِمامِهِمْ) فيكون على ضربين:
أحدهما أن تكون متعلّقة بالفعل الذي هو: (نَدْعُوا) في موضع المفعول الثاني كأنّه: كل أناس بشيعة إمامهم، يدلّ على هذا قوله: وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ [غافر/ ٤٦] وعلى هذا فسّره ابن عباس فيما روي، فقال:
برئيسهم «٤».
وتكون متعلّقة بمحذوف في موضع الحال كأنّه: ندعو كلّ أناس مختلطين بإمامهم، أي: يدعون وإمامهم فيهم، نحو:

(١) زيادة في (م).
(٢) في (ط): تكون.
(٣) في (ط): التي تقدمت.
(٤) في تفسير ابن عباس الدر المنثور ٣/ ١٥٠: «يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ» نبيهم، ويقال بكتابهم ويقال بداعيهم إلى الهدى وإلى الضلالة.
وروى الطبري عن ابن عباس قال: الإمام: ما عمل وأملى، فكتب عليه. انظر ١٥/ ١٢٦، والقرطبي ١٠/ ٢٩٦.


الصفحة التالية
Icon