فأمّا قوله:

كذبت عليكم أوعدوني وعلّلوا بي الأرض والأقوام قردان موظبا
«١» فإنّ معنى (كذبت عليكم): لست لكم، وإذا لم أكن لكم ولم أعنكم كنت منابذا لكم ومنتفية نصرتي عنكم، ففي «٢» ذلك إغراء منه لهم به، فهو مثل: كذب القراطف.
وقال أبو زيد: قد كعّ الرجل عن الأمر فهو يكع، إذا أراد أمرا ثم كفّ عنه مكذّبا عند قتال أو غيره. قال: وتقول:
احرنجم الرجل فهو محرنجم، وهو الذي يريد الأمر ثم يكذّب فيرجع، «٣» فقد استعمل أبو زيد هذه اللفظة كما ترى في الموضع الذي ينتفي فيه ما كان أريد فلم يوقع، وكذلك قول أبي دواد:
قلت لمّا فصلا من قنّة كذب العير وإن كان برح
«٤» يقول: لما فصل الفرس والحمار أخذ الحمار على يمين الفارس، وذاك أنّه يصعب الطعن من ناحية يمين الفارس،
(١) لخداش بن زهير العامري، من شعراء الجاهلية، والقردان: جمع قراد، كغراب وهو دويبة تلزق بالبعير، ويقال أذل من القراد. موظب: موضع:
يذمهم، ويجعلهم كالقردان (انظر النوادر/ ١٧، ورواه في معجم البلدان ولم ينسبه).
(٢) في (ط): وفي.
(٣) النوادر/ ٢٣٠.
(٤) انظر اللسان «كذب» وشعر أبي دواد (غرنباوم) / ٣٠١ وفيه: (نصلا) بدلا من (فصلا) أي: خرجا من قنة الجبل وهما العير والكلب وفي الخزانة ٣/ ١٣: لما ظهرا- وبرح الصيد: جاء من ناحية اليسار.


الصفحة التالية
Icon