الشهر شهادة المقيم إيّاه، فلمّا لم يلزم المسافر علمت أن المعنى: فمن شهد منكم المصر في الشهر، ولم يكن (الشَّهْرَ) مفعولا به في الآية، كما كان يكون مفعولا به لو قلت: أحببت شهر رمضان.
فإن قلت: فإذا كان الشهر في قوله: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ ظرفا ولم يكن مفعولا به، فكيف جاء ضميره متصلا في قوله: (فَلْيَصُمْهُ)، وهلّا دلّ ذلك على أنه مفعول به؟ قيل: لا يدلّ ذلك على ما ذكرته «١»، لأن الاتساع إنّما وقع فيه بعد أن استعمل ظرفا، وذلك سائغ، ويدلّ «٢» على أنّ: (شَهِدَ) متعد إلى مفعول قوله:
ويوم «٣» شهدناه سليما وعامرا «٤» ومما حذف من المفعول به في التنزيل قوله تعالى «٥»:
فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا «٦» [السجدة/ ١٤]

(١) في (ط): ذكرت.
(٢) في (ط): ويدلك.
(٣) في (ط): ويوما.
(٤) عجز بيت استشهد به سيبويه في الكتاب: ١/ ٩٠ لرجل من بني عامر وتمامه:
ويوم شهدناه سليما وعامرا قليل سوى الطعن النهال نوافله
قال الأعلم: الشاهد فيه نصب ضمير اليوم بالفعل تشبيها بالمفعول به اتساعا ومجازا، والمعنى: شهدنا فيه، وسليم وعامر: قبيلتان من قيس عيلان، والنوافل هنا: الغنائم، يقول: يوم لم يغنم فيه إلا النفوس، لما أوليناهم من كثرة الطعن، والنهال المرتوية بالدم. وانظر شرح أبيات المغني ٧/ ٨٤.
(٥) في (ط): عزّ وجلّ.
(٦) ولفظ (هذا) زيادة في (م).


الصفحة التالية
Icon