إليها ما يكون معها شيئا واحدا. وإذا كان الأمر كذلك كان قول من قال في امرئ ونحوه: إنّه معرب من مكانين، غير مستقيم، لما أريتكه من حذفهم علامة التثنية والجمع في النسب. وأمّا «١» قوله: قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ [الجمعة/ ٨] فقد جوّز أبو الحسن فيه: أن تكون الفاء فيه زائدة. وحكى أبو يعلى «٢» عن أبي عثمان «٣» مثل ذلك. ووجه ذلك أن الفاء تدخل للعطف أو للجزاء وزيادة «٤»، فلمّا لم يكن للعطف مذهب من حيث لم يستقم عطف الخبر على مبتدئة لم يصحّ حمله على العطف، ولم يستجز حمله على أنها للجزاء لبعد ذلك في اللفظ والمعنى.
فأمّا اللفظ فلأن الجزاء الذي هو في الأصل شرط لازم غير مستغنى عنه ولا يستقلّ الجزاء إلّا به. فلمّا كانت صورة الشرط على ما ذكرنا، ولم يكن الوصف كذلك- لأنّك في أكثر الأمر مخيّر في ذكره وتركه- لم يكن موضعا للجزاء كما يكون موضعا له مع المبتدأ الموصول، والنكرة الموصوفة، كقوله تعالى: الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ ثم قال: فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ [البقرة/ ٢٧٤]. وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ

(١) في (ط): أما.
(٢) هو أبو يعلى بن أبي زرعة من أصحاب المازني وكان مقدما عالما بالنحو، ثقة فيما يرويه، وله من الكتب المصنفة «كتاب الجامع في النحو» لم يتمه، ذكره ابن النديم في الفهرست ص ٨٩ والأنباري في نزهة الألباء ص ٢١٩.
(٣) هو أبو عثمان المازني وتقدمت ترجمته ص: ١٦.
(٤) في (ط): أو زائدة.


الصفحة التالية
Icon