[النحل/ ٥٣] فلمّا لم يكن موضعا له ولا للعطف حكم بزيادة الفاء، لأنّها قد ثبتت زائدة «١» حيث لا إشكال في زيادتها، وذلك قوله:

لا تجزعي إن منفسا أهلكته وإذا هلكت فعند ذلك فاجزعي
«٢» ألا ترى أنّ إحدى الفاءين لا تكون إلّا زائدة، لأنّ (إذا) إنّما يقتضي «٣» جوابا واحدا. وأما بعد «٤» الجزاء في المعنى، فلأن الجزاء ما كان بإثبات معنى أو نفيه، فأمّا ما كان واقعا لا محالة، فإنّه لا يكون من باب الجزاء، والموت ملاق لهم، فرّوا أو لم يفرّوا.
فإن قلت: فقد تقول في الجزاء: لأضربنّك إن سكتّ أو نطقت، ولأعطينك إن خرجت أو أقمت فإن هذا كلام متّسع فيه مخرج عن أصله. وحكمه إذا استعمل حرف المجازاة أن يفعل الإعطاء إذا وقع الخروج، ثم يبدو له أن يفعله في جميع الأحوال فيقول بعد: أو أقمت. وقد يصحّ أن يحمل هذا الكلام
(١) كذا في (ط). وفي (م) «زيادة».
(٢) من قصيدة للنمر بن تولب، وقبله:
قامت تبكّي أن سبأت لفتية زقّا وخابية بعود مقطع
أي: بكت لأني اشتريت الخمر ببعير هزيل منقطع، فيقول لها: لا تجزعي إن أهلكت متاعا نفيسا، والمنفس: الشيء الذي يتنافس فيه ويرغب، بل لك أن تجزعي إذا هلكت أنا وقضيت. انظر شرح أبيات المغني للبغدادي ٤/ ٥٢، الخزانة ١/ ١٥٢ وفيها: إن منفس.
(٣) في (ط): تقتضي.
(٤) في (ط): بعد.


الصفحة التالية
Icon