مستقلّ، كما أنّ: جاءني القوم، كذلك، فنصب مع النفي كما نصب مع الإيجاب من حيث اجتمعا في أن كل واحد منهما كلام مستقل، فأما قوله: ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك فإذا جعلت قوله إلا امرأتك مستثنى من لا يلتفت كان الوجهان:
الرفع، والنصب، والوجه الرفع، وإن جعلت الاستثناء في هذه من قوله: فاسر بأهلك* لم يكن إلا النصب. وزعموا أن في حرف عبد الله أو أبيّ: فاسر بأهلك بقطع من الليل إلا امرأتك وليس فيه: ولا يلتفت منكم أحد فهذا تقوية لقول من نصب، لأنه في هذه القراءة استثناء من قوله: فأسر بأهلك فكما أن الاستثناء من قوله: فاسر بأهلك دون أحد، كذلك إذا ذكرت أحدا يكون منه، ولا يكون على البدل من أحد.
قال سيبويه: ومن قال: أقول «١»: ما أتاني القوم إلا أباك، لأنه بمنزلة قول «٢»: أتاني القوم إلا أباك، فإنه ينبغي له أن يقول:
ما فعلوه إلا قليل منهم [النساء/ ٦٦]. وحدثني يونس أن أبا عمرو كان يقول: الوجه: ما أتاني القوم إلا عبد الله، ولو كان هذا بمنزلة قوله: أتاني القوم، لما جاز أن تقول: ما أتاني أحد، كما لا يجوز: أتاني أحد، ولكنّ المستثنى بدل «٣» من الاسم الأول «٤». فهذا الكلام يعلم منه قدحه على قول من سوّى بين الإيجاب والنفي، واعتذر استقلال الكلام في
(٢) في سيبويه: قوله.
(٣) في سيبويه: ولكن المستثنى في ذا الموضع مبدل.
(٤) انتهى نقله عن سيبويه. انظر الكتاب ١/ ٣٦٠.