ذلك عن عيسى وأن معناه: بعدك. فمن قرأ (خلفك) وخلافك فهو في تقدير القراءتين جميعا على حذف المضاف، كأنّه: لا يلبثون بعد خروجك. وكان حذف المضاف في الآية وفي قول ذي الرّمة:

له واحف والصّلب حتى تقطّعت خلاف الثّريّا من أريك مآربه
«١» المعنى: خلاف طلوع الثريا، وحسن حذف المضاف لأنه إحدى الجهات التي تضاف إلى الأسماء التي هي أعيان وليست أحداثا. وقد أضافوا هذه الظروف كما يضاف إلى أسماء الأعيان، وكأنّهم لم يستحبّوا إضافتها إلى خلاف ما جرى عليه كلامهم في إضافتها، كما أنّها لما جرت منصوبة في كلامهم تركوها على نصبها إذا وقعت في غير موضع النصب كقوله: وإنا منا الصالحون ومنادون ذلك [الجن/ ١١] وقوله: يوم القيامة يفصل بينكم [الممتحنة/ ٣] فكما تركوها على النصب هنا، كذلك أضافوها إلى الأسماء الأعيان، وكان كذلك من جعل قوله: خلاف رسول الله [التوبة/ ٨١] اسما للجهة على حذف المضاف، كأنه: خلاف خروج رسول الله، ومن جعله مصدرا جعله مضافا إلى المفعول به، وعلى أيّ الأمرين حمل في سورة التوبة كان قوله: بمقعدهم. المقعد فيه مصدر في معنى القعود، ولا يكون اسما للمكان، لأن أسماء الأماكن لا يتعلّق بها شيء.
ومعنى قوله: وإن كادوا ليستفزونك من الأرض قال أبو
(١) انظر ديوانه ٢/ ٨٤٢. واحف والصلب: موضعان: خلاف الثريا: يريد بعد طلوع الثريا، وأريك: اسم جبل بالبادية يقول: تقطعت حوائج هذا الحمار من هذا الموضع لأنه يبس مرعاه فتحول عنه إلى غيره.


الصفحة التالية
Icon