قال أبو علي: الذي قال معاذ وجه، ويجوز أن يكون جمعا كأسد وأسد، ونمر ونمر، وثمر وثمر، والفلك، ويجوز أن يكون واحدا، فيكون ولد وولد، كبخل وبخل، وحزن وحزن، وعرب وعرب، فيكون لفظ الواحد موافقا للفظ الجمع، كما كان الفلك كذلك، فلا يكون القول فيه كما قال معاذ، لأنه لا يكون إلا جمعا، ولكن على ما ذكرناه. وأما قوله: واتبعوا من لم يزده ماله وولده [نوح/ ٢١] فينبغي أن يكون جمعا، وإنما أضيف إلى ضمير المفرد لأن الضمير يعود إلى (من) وهو كثرة في المعنى، وإن كان اللفظ مفردا، وإنما المعنى:
إنهم عصوني واتبعوا الكفار الذين لم تزدهم أموالهم وأولادهم إلا خسارا، فأضيف إلى لفظ المفرد وهو جمع، وقد حكى الكسائي أو غيره من البغداديين: ليت هذا الجراد قد ذهب فأراحنا من أنفسه، فولد، في أنه جمع، مثل الأنفس. وما أنشده الفراء من قوله:
وليت فلانا كان ولد حمار «١».
يدلّ على أنه واحد ليس بجمع، وأنه مثل ما ذكرناه من قولهم:
الفلك، الذي يكون مرّة جمعا ومرّة واحدا. ولهذا يشبه أن يكون ابن كثير وأبو عمرو قرءاه بالضم. (ماله وولده) وفتحا ما سوى ذلك.
وأما قراءة نافع وعاصم وابن عامر بفتح الواو في كلّ القرآن، فإن فتحهم الواو في قوله: ماله وولده على أنه واحد يراد به الجمع، ويجوز ذلك من وجهين: أحدهما: أنه إذا أضافه إلى اسم، هو جمع في المعنى، علم أن المفرد في موضع جمع، كقوله:
قد عضّ أعناقهم جلد الجواميس «٢»
(٢) سبق انظر ٤/ ٨١.