وقرأ عاصم وحمزة والكسائي: وإن هذه بكسر الألف وتشديد النون «٢».
من قرأ: (وأنّ هذه) كان المعنى في قول الخليل وسيبويه أنه محمول على الجار، التقدير: ولأن هذه أمّتكم أمّة واحدة وأنا ربّكم فاتّقون، أي اعبدوني لهذا. ومثل ذلك عندهم قوله عزّ وجلّ: وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا [الجن/ ١٨] المعنى: ولأن المساجد لله. وكذلك عندهم قوله: لإيلاف قريش [قريش/ ١] كأنه: فليعبدوا ربّ هذا البيت لإيلاف قريش، أي: ليقابلوا هذه النعمة بالشكر والعبادة للمنعم عليهم بها، وعلى هذا التقدير يحمل قراءة ابن عامر، ألا ترى أن (أنّ) إذا خفّفت اقتضت ما يتعلّق به اقتضاءها وهي غير مخفّفة، والتخفيف حسن في هذا لأنه لا فعل بعدها ولا شيء ممّا لا يلي أن، فإذا كان كذلك كان تخفيفها حسنا، ولو كان بعدها فعل لم يحسن حتى تعوّض السين أو سوف أولا إذا كان في نفي، فإذا لم يكن بعدها فعل ساغ التخفيف، ومثل ذلك قوله تعالى:
وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين [يونس/ ١٠].
ومن كسر فقال: (وإنّ هذه أمّتكم) لم يحملها على الفعل كما يحملها من فتح، ولكن جعلها كلاما مستأنفا، ويجوز أن يكون فيه تنبيه على الاعتداد بالنعمة كقول من فتح أنّ، فكان معنى: وأن هذه أمتكم أمة واحدة أي: أنتم أهل دعوة واحدة ونصرة، ولا تكونوا كالذين تفرّقوا واختلفوا، وقال: ولا تفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه [الشورى/ ١٣] من الاتفاق على التوحيد وخلع ما تدعون إليه من دونه.

(٢) السبعة ٤٤٦.


الصفحة التالية
Icon