قال: وزعم يونس أن أبا عمرو قال: لا يكون في هذا المعنى أمرنا، قال أبو عبيدة: وقد وجدنا تثبيتا لهذه اللغة:
«سكّة مأبورة، ومهرة مأمورة»
«١». أي: كثيرة الولد. قال: وقال قوم: أمرنا: من الأمر والنهي «٢».
قال أبو علي: لا يخلو قوله: أمرنا فيمن خفّف العين، من أن يكون فعلنا من الأمر، أو من: أمر القوم، وأمرتهم، مثل شترت عينه، وشترتها، ورجع ورجعته، وسار وسرته. فمن لم ير أن يكون أمرنا من أمر القوم، إذا كثروا، كأبي عمرو، فإنّ يونس حكى ذلك عنه، فإنّه ينبغي أن يجعل أمرنا من الأمر الذي هو خلاف النهي، ويكون المعنى أمرناهم بالطاعة فعصوا، وفسقوا. ومن قال: (آمرنا مترفيها) فإنه يكون: أفعلنا، من أمر القوم، إذا كثروا، وآمرهم الله، أي:
أكثرهم. وذلك إن ضاعف فقال: أمّرنا، ونظير ذلك قولهم: سارت الدابة وسيّرتها، وسرتها، وفي التنزيل: هو الذي يسيركم في البر والبحر [يونس/ ٢٢]. وقال لبيد:

لسيّان حرب أو تبوءوا بخزية وقد يقبل الضّيم الذليل المسيّر
«٣» وكما عدّي بتضعيف العين، كذلك يعدّى بالنقل بالهمز، فيكون آمرنا. وزعم الجرميّ أن آمرنا أكثر في اللغة، ومثل أمر وأمرته، سلك وسلكته، وفي التنزيل: كذلك سلكناه في قلوب المجرمين
(١) وهو من حديث سويد بن هبيرة عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم رواه أحمد في مسنده ٣/ ٤٦٨.
(٢) مجاز القرآن ١/ ٣٧٣ وما بين معقوفين منه.
(٣) ديوانه ٢٢٦ (ط الكويت) وفيه: «لشتّان» بدل «لسيّان».


الصفحة التالية
Icon