وقال في الذي ليس من النسب إخوانا على سرر متقابلين [الحجر/ ٤٧] وقال: فإخوانكم في الدين ومواليكم [الأحزاب/ ٥]، وإذا كان هذا فقول الجمهور: أخويكم أبين من قول ابن عامر، لأنّ المراد النسب، وإن كان لا ينكر استعمال بعض ذا في موضع بعض، ألا ترى أنّ قوله: إنما المؤمنون إخوة لا يراد به النسب؟ إنما هو أخوّة الدّين، فإن قلت: فلم لا يكون قول ابن عامر: فأصلحوا بين إخوتكم أرجح من قول من قال: أخويكم، لأنّ المراد هنا الجمع وليس التثنية، وقد يوضع الجمع القليل موضع الجمع الكثير، نحو:
الأقدام، والأرسان، والتثنية ليست كالجمع في هذا؟
قيل: إنّ التثنية قد تقع موقع الكثرة في نحو ما حكاه من قولهم:
«لا يدين بها لك» «١»، ليس يريد نفي قوّتين اثنتين، إنّما يريد الكثرة، كذلك قولهم: لبّيك، وقولهم: نعم الرجلان زيد، وكذلك قوله: بل يداه مبسوطتان [المائدة/ ٦٤] يريد: بل نعمتاه، وليس هذه النعم بنعمتين اثنتين، إنما يراد نعم الدّنيا، ونعم الآخرة، فكذلك يكون قوله: فأصلحوا بين أخويكم يراد به الطائفتان، والفريقان ونحوهما، ممّا يكون كثرة، وإن كان اللّفظ لفظ التثنية، كما أنّ لفظ ما ذكرنا لفظ التثنية، والمراد به الكثرة والعموم. وقال:
فاعمد لما تعلو فما لك بالّذي لا تستطيع من الأمور يدان «٢»
(٢) البيت لكعب بن سعد الغنوي في اللسان/ يدي/ والبيت مع آخر قبله في المسائل الحلبيات للفارسي ص ٢٨ وشرح الأبيات المشكلة ص ١٥١ ونسبهما لعلي بن الغدير الغنويّ، والبيت السابق عندهما هو