ومن ثمّ لم يؤنّث في قولهم: ريح خريق، وملحفة جديدة، وناقة سديس، وكتيبة خصيف، كما لم يؤنّث فعول في نحو:
خذول تراعي ربربا «١» فمن ثمّ حيث كان على لفظ الإفراد، والمراد به الكثرة في هذه المواضع وغيرها، كذلك أفردا فعيلا في قوله: كبير الإثم، وإن كان المراد به الكبائر، ويحسن الإفراد من وجه آخر، وهو أنّ المصدر المضاف، فعيل إليه واحد في معنى الكثرة. ألا ترى أنّه ليس يراد به إثم بعينه؟ إنّما يراد به الآثام، فكذلك يكون المراد بالمضاف الكثرة إذ ليس الكبير كبيرا بعينه، إنّما هو ضروب ما كبر من الآثام، فإذا كان كذلك فالإفراد فيه يفيد ما يفيد الجمع، وقد وصف الإثم في الآية بالكبر، كما وصف بالعظم في قوله: افترى إثما عظيما [النساء/ ٤٨] وهذا ممّا يقوّي قراءة من قرأ: قل فيهما إثم كبير [البقرة/ ٢١٩]. ألا ترى أنّ الكبر زيادة في أجزاء الشيء الكبير، كما أن العظم كذلك؟
فإن قيل: فهلّا جمعا ذلك ليكون أبين كما جمع ذلك سائرهم؟ قيل: إذا أتيا به على قياس ما جاء في التنزيل في غير هذا الموضع لم يكن لقائل مقال، ألا ترى أنّه قد جاء: فإن كان من قوم عدو لكم
(١) قطعة من بيت لطرفة، تمامه:
خذول تراعي ربربا بخميلة تناول أطراف البرير وترتدي وهو البيت السابع من معلقته في الديوان ص ٩.