قيل: هذا لا يمتنع، لأن العصيفة رزق غير الذي أوقع الريحان عليه، وكأن الريحان أريد به الحبّ إذا خلص من لفائفه فأوقع عليه الرزق لعموم المنفعة، وأنه رزق للناس ولغيرهم. ويبعد أن يكون الريحان المشموم في هذا الموضع إنما هو قوت للناس والأنعام، كما قال:
فأخرجنا به أزواجا من نبات شتى كلوا وارعوا أنعامكم [طه/ ٥٣] أي: ارعوها إياها، وقال: متاعا لكم ولأنعامكم [عبس/ ٣٢] فكذلك: العصيفة يختصّ بأنه رزق الأنعام، والريحان يعمّ الأناسي وغيرهم، فإن قلت: كيف يكون الريحان مصدرا وهو في الأصل فيعلان والعين محذوفة، وليس في أبنية المصادر شيء على هذا الوزن، قيل: يجوز في ذلك وجهان، أحدهما: أن تجعله اسما وضع موضع المصدر كما وضع تربا وجندلا، ونحو ذلك موضع المصادر.
والآخر: أن يكون هذا مصدرا اختصّ به المعتلّ كما اختصّ بكينونة ونحوه، وليس ذلك في الصحيح. ويحتمل وجها آخر: وهو أن تجعله على فعلان، مثل: الليان، وتجعل الياء بدلا من الواو، كما جعلت الواو بدلا من الياء في أشاوى، وكذلك جعلت الياء بدلا من الواو في ريحان، فانتصب انتصاب المصادر فيما حكاه سيبويه من قولهم:
سبحان الله وريحانه «١»، كأنه قال: واسترزاقا، وليس ذلك كما لزمه الانتصاب من المصادر نحو: معاذ الله وسبحان الله، ألا ترى أنه قد جاء مرفوعا في بيت النمر «٢»، ومجرورا في قراءة من جرّ الريحان.
[الرحمن: ٢٢]
قال: قرأ نافع وأبو عمرو: يخرج منهما بضمّ الياء اللؤلؤ والمرجان [الرحمن/ ٢٢] رفع.

(١) انظر الكتاب ١/ ٣٢٢ (ت. هارون).
(٢) سبق قريبا.


الصفحة التالية
Icon