والآخر: أن يريد به تأمّلت وتدبرت، فهو فعل غير متعدّ، فمن ذلك قولهم: اذهب فانظر زيدا أبو من هو؟ فهذا يراد به التأمّل، من ذلك قوله عزّ وجلّ: انظر كيف ضربوا لك الأمثال [الإسراء/ ٤٨]، انظر كيف يفترون على الله الكذب [النساء/ ٥٠]، انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض [الإسراء/ ٢١].
وقد يتعدّى هذا بالجار كقوله: أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت [الغاشية/ ١٧]، فهذا أحضّ على التأمّل، وتبين وجه الحكمة فيه، وقد يتعدّى بفي، وذلك نحو قوله: أولم ينظروا في ملكوت السموات والأرض [الأعراف/ ١٨٥]، فهذا كقوله: أولم يتفكروا في أنفسهم [الروم/ ٨].
فأما قوله «١»:
ولما بدا حوران والآل دونه نظرت فلم تنظر بعينيك منظرا ويجوز أن يكون نظرت فلم تنظر، أي: نظرت فلم تر بعينيك منظرا لغرقه في الآل كقوله «٢»:
ترى قورها يغرقن في الآل مرّة وآونة يخرجن من غامر ضحل وقد يجوز أن يعنى بالنظر الرؤية على الاتّساع، لأن تقليب
فلما بدت حوران والآل دونها وحوران: جنوب دمشق- والآل: السراب. ديوانه/ ٨٧.
(٢) البيت لذي الرمّة سبق ذكره في ٤/ ٢٢٣.