وقرأ الباقون بخالصة منونة «١».
قال أبو علي: من قال: بخالصة ذكرى الدار احتمل أمرين أحدهما: أن يكون بدلا من الخالصة تقديره: إنّا أخلصناهم بذكرى الدار، ويجوز أن يقدّر في قوله ذكرى* التنوين، فيكون الدار* في موضع نصب تقديره: بأن يذكروا الدار، أي يذكرون بالتأهب للآخرة، ويزهدون في الدنيا «٢». ويجوز أن لا يقدر البدل، ولكن يكون:
الخالصة مصدرا، فيكون مثل من دعاء الخير [فصّلت/ ٤٩] فيكون المعنى: بخالصة تذكير الدار. ويقوّي هذا الوجه ما روي من قراءة الأعمش: بخالصتهم ذكرى الدار، فهذا يقوّي النّصب، ويقوّي ذلك أنّ من نصب خالصة أعملها في الدار، كأنّه: بأن أخلصوا تذكير الدار، فإذا نوّنت خالصة احتمل أمرين: أحدهما: أن يكون المعنى: بأن خلصت لهم ذكرى الدار، فيكون ذكرى الدار في موضع رفع بأنّه فاعل.
والآخر: أن يقدّر المصدر الذي هو خالصة: من الإخلاص، فحذفت الزيادة، كما حذفت من نحو:
دلو الدالي «٣» ونحوه، فيكون المعنى: بإخلاص ذكرى فيكون ذكرى* في موضع نصب كانتصاب الاسم في عمرك الله، والدار يجوز أن يعنى بها الدنيا، ويجوز أن يعنى بها الآخرة، فالذي يدلّ على أنّه يجوز أن

(١) السبعة ص ٥٥٤.
(٢) في الأصل كلمة مطموسة وما أثبته ينسجم مع السياق ويؤيده كتب التفسير.
(٣) من رجز للعجّاج سبق في ٢/ ٢٥٤ و ٣/ ١٥٠.


الصفحة التالية
Icon