وبهذا نعرفُ جهلَ الفادي الجاهلِ وخَطَأَه عندما زَعَمَ أَنَّ عَدَمَ القولِ
بالثالوثِ معناهُ الإِيمانُ بالله بدونِ الأُنسِ الروحي به، وهذا إِيمانُ الشياطين.
قال: " إِنَّ الإِيمانَ بالتوحيدِ المجَرَّدِ بدونِ أُنسٍ روحي بالله هو إِيمانُ الشياطين
أَنْتَ تؤمنُ أَنَّ اللهَ واحِد؟ حَسَناً تفعل..
والشياطينُ يُؤْمنونَ ويَقْشَعِرّون! ".
إِننا نؤمنُ بالله، ونُوحِّدُ الله، ونعتقدُ أَنه متفرّدٌ في ذاتِه وصفاتِه وأَسمائِه
وأَفعالِه، ونُنكرُ الأَقانيمَ التي يؤمنُ بها النَّصارى، ولا نَجعلُ ذواتاً متولّدَةً عن
ذاتِه، ولا نجعل أَشخاصاً مُتَفَرّعينَ عن شخصه، ونؤمنُ أَنه سبحانَه خَلَقَ كُلَّ
المخلوقاتِ بكلمةِ " كُنْ " التكوينية.
- ونحنُ المسلمونَ أَكثرُ النّاسِ أُنْساً بالله، وسعادةً بذكْرِه، وملاحظةً للآثارِ العمليةِ لصفاتِه العلية، واسْتِحْضاراً لعظمتِه ورعايتِه وقيوميَّتِه سبحانه.
ويُجهدُ الفادي الجاهلُ نَفْسَه في إِقناعِنا بأَنَّ الثالوثَ يَعْني الوحدانية،
وأَنَّ التَّثْليثَ يَعْني الوحده، فيقول: " ومثل التثليثِ مثل العقلِ والفكرِ والقولِ، فهذه ثلاثَةُ أَشياءَ متميزةٌ غيرُ منفصلةٍ لشيء واحد؟
والنارُ والنورُ والحرارةُ ثلاثةُ أَشياءَ متميزةٌ غيرُ منفصلةٍ لشيء واحد! فهل نَستبعدُ وُجودَ ثلاثةِ أَقانيمَ متميزةٍ غيرِ منفصلةٍ في إِلهٍ واحد حسبَ إِعلانِ كتابِه المقَدّس؟ ".
إِنَّ الفادي الجاهلَ يُشَبِّهُ الأَقانيمَ الثلاثةَ: الآبَ والابنَ والروحَ القُدُس،
بالعقلِ والفكر والقول، ويُشَبِّهُها بالنار والنورِ والحرارة.
وَوَجْهُ الشَّبَهِ هو التثليت والتميزُ، وعدمُ الانفصال، والتَّوَحُّد!.
يريدُ الجاهلُ أَنْ يُقْنِعَنا أَنَّ العقلَ والفكرَ والقول، وأَنَّ النارَ والنُّورَ
والحرارة، مِثْلُ اللهِ وعيسى وجبريل! صحيحٌ أَنَّ العقلَ والفكرَ والقولَ ثلاثُ
صفاتٍ لموصوفٍ واحد، وهو ما يقولُه الإِنسان بعد تفكير، حيثُ يفكِّرُ
الإِنسانُ، ثم يُعملُ عَقْلَه، ثم يَنطقُ بما فَكّرَ به، وكأَنَّ القولَ يَمُرُّ بثلاثِ
محطات: الفكرِ والعقلِ والفمِ.
لكنَّه شيءٌ واحد، هو القول!!.