ويُخالفون أَمره، ويَفسقونَ في القرية، ويَنْشُرون فيها الفسادَ والمعاصي
والفسوق، ويُفْسِدونَ بذلك أَهْلَها، فيحق عليها القول، وتنطبقُ عليها السنةُ الربانية، ويوقعُ بها العقابَ، ويُدَمِّرُها تَدْميراً.
في معنى الآيةِ جُمَلٌ مُقَدَّرَة، لتوضيح المعنى، ومعلومٌ أَنَّ الحذفَ والذكْرَ
ملحوظانِ في القرآن، ومرادانِ لحكمةٍ مقصودة، فإِذا ذَكَر القرآنُ الجملةَ ذَكَرَها لحكمةٍ مقصودةٍ مرادة، وإِذا حَذَفَها حَذَفَها لحكمةٍ مقصودةٍ مرادة، فهو معجزٌ في ما يَذْكُر، ومعجزٌ في ما يَحْذِف!.
وتقديرُ الآية: إِذا أَرَدْنا أَنْ نهلكَ أَهْلَ قرية، أَمَرْنا مُتْرَفيها بالطاعة،
لكنَّهم يَرفضون أَمْرَنا، ويَفْسُقونَ فيها، وبذلك يحقُّ عليها قولُنا، وتنطبقُ عليها سُنَّتُنا، ونُدَمِّرُها تَدْميراً.
وتَهدفُ الآيةُ إِلى أَنْ تُقَررَ قاعدةً مطردة، وهي ارتباطُ الترفِ بالتمردِ
والعصيانِ والمخالفةِ والفسقِ، وانتشارُ الفسادِ ثمرةٌ للترفِ والفسق، وهذا كلّه طريقٌ للهلاكِ والعقابِ والتدمير.
وبهذا نعرفُ غَباءَ أَسئلةِ الفادي التي اعترضَ بها على الآيَة.
فاللهُ لا يُريدُ إِهلاكَ الناسِ ابتداءً، لأَنه مُنَزهٌ عن الظلمِ سبحانه، ولكنَّه يُرتِّبُ الإِهلاكَ على العصيانِ والفسقِ والذنوب، فإِذا عصى الناسُ عاقَبَهم الله وقَرَّرَ إِهلاكهم، وهذا عدلٌ منه سبحانه!.
ولم يأْمر اللهُ المتْرَفين بالفسقِ كما فهمَ الفادي الجاهل، وإِنما أَمَرهم
بالطاعة، لكنَّ الفسقَ ناتجٌ عن عِصيانِهم لأَمْرِ الله، وعِقابُ اللهِ للفاسقين
المترفين المجرمين عَدْلٌ منه سبحانه.
ومَنْ قالَ: إِنَ الآية تَنسبُ الجورَ والفسقَ والظلمَ إِلى الله؟!
هذا هو فهمُ الفادي الجاهل! إِنَّ الآيةَ تَنسبُ العَدْلَ إِلى الله، وتُرَتّب العِقابَ على الفسق الناتجِ عن معصيةِ الله!.