ومن مجيئِه وَصْفاً لمذَكَّرٍ في القرآن قولُه تعالى: (أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ (٢١٤).
أَيْ: أَلّا إِنَّ نَصْرَ اللهِ موعدُه قريب.
ومن ذلك أَيضاً قولُه تعالى: (وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا (٥١).
ومن مجيئِه وَصْفاً لمؤَنَّث، على تقديرِ كلمةٍ محذوفةٍ قولُه تعالى: (وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا (٦٣).
أَيْ: يكونُ موعدُها قريباً.
ومن ذلك أَيضاً قولُه تعالى: (إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (٥٦).
ويمكنُ الجمعُ بين القولينِ بأَنَّه بما أَنَّ (قَرِيبٌ) لم يأْتِ إِلَّا مُذَكَّراً في القرآن.
فهو صفة لموصوفٍ مذكَّرٍ محذوف، هو " موعِد ".
أي: موعدُه قريب.
ولكنَّ الفادي الجاهلَ لا يَعرفُ أُسلوبَ القرآن، ولا مظاهرَ التعجيرِ فيه.
***
هل القرآن يوضح الواضح؟
اتَّهَمَ الفادي القرآنَ بأَنَّه يُوَضِّحُ الواضِحَ، وهذا مَطْعَن فيه، فما الدّاعي
لذلك.
واستشهدَ على ذلكَ بقولِه تعالى: (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ).
قال: " فلماذا لم يَقُلْ: " تلكَ عشرة " مع حَذْفِ " كامِلَة "، تلافياً لإِيضاحِ الواضح؟
ومَنْ يَظُنُّ أَنَّ العشرةَ تِسْعَة؟! ".
تتحدثُ الآيةُ عن الواجبِ على مَنْ حَجَّ مُتَمتِّعاً، أَيْ يُؤَدّي مناسكَ العمرةِ
من طَوافٍ وسَعْي، ثم يتحلَّل، وَيلبسُ ملابِسَه العادِيّة، ثم يُحرمُ بالحَجِّ يومَ
الثامنِ من ذي الحجة، ويتوجَّهُ مع الحُجّاجِ إِلى عَرَفَة، فهذا يَجِبُ عليه أَنْ
يَذبحَ هَدْياً، فإِنْ لم يَجِدْ ثَمَنَ هَدْي انتقلَ للصيام، بأَنْ يَصومَ في مكةَ ثَلاثةَ
أَيام، وإِذا عادَ إِلى بَلَدِه صامَ سبعةَ أًيام، فيكونُ المجموعُ عشرةَ أَيام، يَصومُها كاملة.