قالَ الفادي: " لماذا الْتَفَتَ عن المخاطَب إِلى الغائبِ قبلَ تمامِ المعنى؟
والأَصَحُّ أَنْ يَستمرَّ على خطابِ المخاطب! ".
بَدَأَت الآيةُ بالخطاب: (هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ)، والخطابُ
للنّاسِ جميعاً، الذين يَسيرونَ في البَرِّ، ويَسيرونَ في البَحْر، سواء كانوا
مسلمين أَو كافرين.
وعَرضت الآيَةُ مَشْهداً لهم وهم يَركبونَ في السفينةِ في البَحْرِ: (حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ)، وهذا المشهدُ يشملُ كُلّ الذين فى السفينة، سواء كانوا
مسلمين أَو كافرين.
وخطابُهم من بابِ الامتنانِ عليهم، وذِكْرِ نعمةِ اللهِ عليهم بتَسْييرِهم في
البَرِّ والبَحْر.
ثم انتقلت الآيةُ للإِخبارِ عن الكفارِ، وموقِفِهم من الخَطَرِ والكَرْب:
(وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (٢٢) فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا).
والدليلُ على أَنَّ الكلامَ عن الكفار، في قولِه: "وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ)
قولُه في آخر المشهد: (فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ)،
والمؤمنون لا يَفْعلونَ ذلك.
والوقفةُ الآن أَمامَ الجملةِ التي اعترضَ عليها الفادي: (وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ).