يُكْرِهُهُن على الزنى، ويُطالبهنَّ بِدْفعِ ضريبةٍ ماليةٍ له مقابل ذلك، فشكا بعضُهنَ الأَمْرَ إِلى رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم..
فأَنزل اللهُ الآيةَ لِذَمِّ ابنِ أَبَيّ ومَنْعِه من فعْلِهِ.
والمعنى: لا يجوزُ إِكراهُ الجواري على الزِّنى أَصْلاً، ولا يَجوزُ إِرسالُهنَّ
إِلى الزنى أَصلاً، حتى لو لم تَكُنَّ مُكْرَهات، فالموافقةُ على زناهُنَّ حَرام،
وإِرسالُهنّ للزِّنى حَرام، وإِكراههنَّ على الزّنى حرام.
والشرطُ في قولِه: (إن أردنَ تحصناً) ليس قَيْداً للنَّهي، لأَنَّ النهيَ عن زناهُنَّ عامّ، سواءٌ أَرَدْنَ تَحَصناً أَمْ لا، لكنَّ هذا الشرط لبيانِ الواقع، لأَنَّ الآيةَ نَزَلَتْ في إماءٍ تَعفَّفْنَ وأَردْن التحصُّن..
فإِذا كُنَّ هؤلاء الإماءُ يُردْنَ التحصُّنَ والتعففَ وهنَّ إِماء، فكيفَ
بغيرِهن من الحرائر، اللَّواتي يَنْفُرْنَ من الزنَى أساساً؟!.
وقد اعترضَ الفادي على الآيةِ وصياغَتِها.
قال: " ونحنُ نسأل: أليس الأَولى أَنْ يَأمُرَ الفتياتِ أَنْ يُشهِرْنَ الطاعةَ لله، والعصيانَ على البشر، فلا يَقْبَلْنَ ارتكابَ المنكر؟
وكان الأَوْلَى بدَل أَنْ يقول: (فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ) أنْ يقول: إن الله شديد العقاب، إلا على من تاب ".
واقتراحُ الفادي دَليلٌ على جهْلِه وغَبائِه، فهو يَرى أَنَّه كانَ الأَوْلى بالآيةِ
أَنْ تَأَمُرَ أُولئك الفتياتِ الجواري بإِعلانِ الطاعةِ لله، ورفْضِ ارتكابِ المنْكَرِ.
ومَنْ قال: إِنَّهُنَ لم يفعَلْنَ ذلك؟!
لقد عَصَيْنَ سيدَهُن عبدَ الله بنَ أَبَيّ، ورفضنَ تنفيذَ طَلَبه، وشَكَوْنَهُ إِلى رسول اللهِ - ﷺ -، وفعَلْنَ ذلك من بابِ طاعَتِهنَ لله!
فلماذا يَقترحُ الغبيُّ على الآيةِ طَلَبَ شيءٍ منهنَّ فعلْنَه ونَفَّذْنَه؟!.
ويُنكرُ الجاهلُ على الآيةِ خَتْمَها بجملةِ: (فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ) ويقترحُ خَتْمَها بجملةِ: "فإن الله شديد العقاب إلا على من تاب".
يَتَعالَمُ الجاهلُ ويَتَفاصَحُ على القرآنِ العظيم المعْجِز، ويَرى عِبارتَهُ أَبْلغَ
وأَفصحَ من عبارةِ القرآن، فيرَى أَنَّ خَتْمَ آيةٍ تَنهى عن الحَرَامِ والمْنكَرِ بالترغيبِ بالمغفرةِ والرحمةِ غَيْرُ مناسِب، وكانَ الأَوْلى أَنْ تُخْتمَ الآية ُ بالتهديدِ بالعِقاب!.


الصفحة التالية
Icon