الجهدِ والاهتمامِ، وبعضَ الفهمِ والإِدراك، وبعضَ الحرصِ في الدعوةِ إِلى الله، وكانَ هذا معجزةً من اللهِ، جعلَها في هذا الطائر، ومَيَّزَهُ بهذا عن باقي
" الهَداهِدِ " الطيورِ، ليقومَ بهذه المهمةِ الخاصَّةِ، ويَكتشفَ مملكةَ سبأ، لتدخُلَ بعد ذلك في الإِسلام! لقد أَرادَ اللهُ الحكيمُ أَنْ يَعرفَ سليمانُ - عليه السلام - مملكةَ سبأ عن طريقِ ذلك الهدهد، وليس عن طريقِ الوحيِ المباشر...
وأَخبرَنا اللهُ عن مهمةِ الهدهدِ ودوْرِه في الدعوةِ إِلى الله، ليكونَ هذا عبرةً لنا، وليوجِدَ عندَنا نوعاً من الباعثِ على الدعوة، والاقتداءِ بذلك الهدهدِ الداعية!.
ولم يكن الهدهدُ أَكثرَ علماً وحكمةً من سليمانَ - عليه السلام -، فكلامُ الفادي عنه باطل، وذلك عندما تَساءَل: " كيفَ يكونُ الهدهدُ أَكثرَ حِكْمَةً وعلماً؟! ".
سليمانُ رسولٌ كريمٌ عليه الصلاةُ والسلام، وهو الأَكثرُ عِلْماً وحكمة، وعِلْمُ الهدهدِ خاصٌّ بمملكةِ سَبَأ! وعَلَّمَهُ اللهُ ذلك ليتعلَّمه سليمانُ - عليه السلام -، فهو وسيلةٌ ربانيةٌ لتعليمِ سليمانَ - عليه السلام -.
وقالَ المفترِي الجاهل: " كيفَ يَتَحَدّى الهدهدُ سليمانَ قائلاً: أَحطتُ بما
لم تُحِطْ به.. "؟
ولا أَدري كيفَ فهمَ الفادي تَحَدّي الهدهدِ لسليمانَ - عليه السلام -،
عندما أَخْبرَهُ عن مملكةِ سبأ، وهو المهَدَّدُ بالتعذيبِ لغيابِه؟
قال تعالى: (وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ (٢٠) لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (٢١) فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (٢٢).
إنَّه يُخاطِبُ سليمانَ - عليه السلام - بافتخارٍ واعتزاز، وليسَ بتَحَدٍّ وتَكَبُّر، ويُخبرُهُ أَنَّ اللهَ عَلَّمَه عِلْماً لم يُعَلِّمْه سليمانَ - عليه السلام -: (أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ)، ولم يُنكرْ سليمانُ - عليه السلام - عليه قولَه، ولم يُعاقِبْه عليه، وهو القائِدُ الحازم، لأَنه فهمَ الإِشارةَ من الهدهد، فعليه أَنْ " يَتَواضَعَ " بينَ يديه، وهو النبيُّ المعَلِّمُ - عليه السلام -، ويَعترفَ بقُصورِ عِلْمِه، فاللهُ أَعطى الهدهدَ عِلْماً لم يُعْطِه منه وهو النبي!!.
ويَستغربُ الفادي من ذَمِّ الهدهدِ لشركِ ملكةِ سبأ وقومِها بالله، وعبادتِهم