وقولُه تعالى: (وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قَالُوا لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ).
وليس هذا الموقفُ خاصّاً برسولِ اللهِ - ﷺ -، فكلُّ إِخوانِه الأَنبياء هكذا، ومنهم موسى وعيسى عليهما الصلاة والسلام.
فلما كانَ أَقوامُهم يَطلبونَ منهم الآيات، كانوا يُخبرونَهم أَنَّ الله هو الذي يَأتيهم بها.
قال تعالى: (قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (١٠) قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ).
أَمَرَ اللهُ رسولَه محمداً - ﷺ - أَنْ يقولَ للكفارِ الذين طَلَبوا منه معجزاتٍ:
(قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ).
وأَمَرَ اللهُ الرسلَ أَنْ يقولوا لأَقوامِهم: (وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ).
وبذلك يتكامَلُ القولان، ويكونُ محمدٌ - ﷺ - كإخوانهِ الأَنبياء السابقين.
وعرضَ الفادي المجرمُ بعضَ آياتِ القرآن التي تُقررُ أَنَّ الآياتِ عندَ الله،
وأَنَّ الله يُنزلُ منها ما يَشاء وفْقَ حكمتِه، ولا اختيارَ لرسولِ اللهِ - ﷺ - لها.
وعَلَّقَ المجرمُ عليها تَعليقاً فاجراً، هاجمَ فيه رسولَ الله - ﷺ -.
وفيما يلي بعضُ تعليقاتِه على بعضِ الآياتِ التي أَوردَها:
١ - قال تعالى: (وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ).
نَقَلَ عن تفسيرِ البيضاويِّ قولَه: " (وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ) أيْ: ما
صَرَفَنا عن إِرسالِ المعجزاتِ التي اقترحَتْها قريش: (إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ) : إلّا تكذيبُ الأَوَّلين، الذين هم أَمثالُهم في الطبع كعادٍ وثمود، وإنها
لو أُرسلَتْ لكَذَّبوا بها كتكذيبِ أَولئك ".