اتهمَ العربُ محمداً أَنه يتعلمُ الأَخبارَ من غيرِه ثم ينسبُها لنفسِه، ويزعمُ أَنها
وحيٌ إِليه من الله، فلماذا لم يُقدم لهم البرهانَ أَنه يتلقى أَقوالَه منْ الله رأْساً؟
إِنَّ رَدَّه أَنَّ الذي يَسمعُ أَقوالَه أَعجميٌّ اعترافٌ بالاقتباس " لأَنه صاغَ ما سمعَ
من معانٍ بأُسلوبه العربيِّ الفصيح ".
زعمَ الكفارُ أَنَّ القرآنَ ليس كلامَ الله، وإِنما هو من تأليفِ بَشَرٍ كان يُعَلِّمُ
محمداً - ﷺ -، واختلفَ الرواةُ في تحديدِ اسمِ ذلك الشخصِ الأعجمي، ومن الأَسماءِ التي رَدَّدَها الرواة: بلعام ويعيش وجبر ويسار وعداس.
ورَدَّت الآية ُ على هذا الزعمِ المتهافت بأَنَّ لسانَ ذلك الشخصِ
أَعجمي، والقرآنُ لسانٌ عربيٌّ مبين، فكيفَ للأَعجميِّ الذي لا يَعرفُ إِلّا
بضعَ كلماتٍ مكسَّرَةٍ عربية أَنْ يُؤَلِّفَ كلاماً عربيّاً بلغَ الذروةَ في البلاغةِ
والفصاحة؟!.
وهذا الرَّدُّ لم يُعجب الفادي المفترِي، وقد رَدَّدَ اتهاماتِ المشركين،
وادَّعى أَنَّ الرسولَ - ﷺ - لم يُقَدّم للكفارِ البرهانَ على أَنه يتلقّى القرآنَ من الله!
وهذا ادّعاءٌ باطل، فكلُّ القرآنِ دليلٌ على أَنه كلامُ الله، وكُلُّ حياةِ الرسولِ - ﷺ - دليلٌ على أَنَّ القرآنَ وحيٌ من اللهِ إِليه، وأَنه رسولُ الله - ﷺ -.
وتكفي الإِشارةُ إِلى آياتِ التحدي، التي طالَبَ اللهُ فيها الكفّارَ بالإِتيانِ
بعشْرِ سورٍ أَو بسورةٍ مثلِ القرآن، فإِنْ عَجَزوا عن ذلك فليعلموا أَنه من
عندِ الله.
قالَ الله: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (١٣) فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٤).
ومن جهلِ الفادي أَنه لم يعرفْ معنى قولِه تعالى: (لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ) حيثُ ادَّعى أَنه اعتراف بالأَخْذِ عن الأَعجمي: " إِنَّ رَدَّه