إن لوحظ اللفظ لفظ الجلالة صارت الإضافة بيانية فيكون متعلق البسملة أو التبرك أو التيمن أو الاستعانة هو لفظ الجلالة فقط، فيستلزم الاستعانة والتبرك بالاسم لأن الاسم للمسمى كما قال، الاسم للمسمى. لله الأسماء الحسنى إذًا الاسم للمسمى، وعلى الثاني الإضافة إضافة الاسم إلى المسمى تكون الإضافة على حد قوله: ﴿وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللهِ لاَ تُحْصُوهَا﴾ [إبراهيم: ٣٤]. حينئذ يصيغ من صيغ العموم.
بسم الله، الله المراد به أو المعنى ما معناه؟
الله ذو الأولهية والعبودية على خلقه أجمعين لأن الإله مشتق هذا هو الصواب أنه مشتق بمعنى أنه يدل على ذات متصفة بصفة ولذلك وقع نزاع هل الله لفظ الجلالة مشتق أو جامد؟
جامد بمعنى أنه لا يدل على معنى تطلق على مسمى علم فقط، مجرد عن المعنى كما تقول: زيد. لا يدل على معنى، تقول: صالح. يسمى الرجل صالح وليس له معنى، هل لفظ الجلالة الله يدل على معنى أو لا؟
نقول: الصواب أنه يدل على معنى، وهو ذات متصفة بالإلهية وهي: العبودية. لأن إله فعال مشتق من أله أصله أله يأله إلهة وألوهة وإلوهية، وهذا مأخوذ من معنى التعبد كما قال رؤبة:
لله در الغانيات الْمُدَّهِ | سبحن واسترجعن من تألهي |
(بسم الله الرحمن الرحيم). الرحمن الرحيم اسمان مشتقان من الرحمة على وجه المبالغة إلا أن الرحمن أشد مبالغة من الرحيم لأن زيادة البناء تدل على زيادة في المعنى غالبًا، رحيم أربعة أحرف ورحمن خمسة أحرف حينئذ لا بد من زيادة في المعنى لأنه جاء على وزن فعلان، وفعلان كما يقول ابن القيم رحمه الله: يدل على الامتلاء. والرحيم جاء على وزن فعيل حينئذ نقص حرف فلا بد من فرق بينهما، حينئذ نقول: اسمان مشتقان من الرحمة على وجه المبالغة كل منهما يدل على المبالغة يعني كثرة الرحمة إلا أن الرحمن أشد مبالغة وأكثر من الرحيم، لأن زيادة البناء تدل على زيادة المعنى، الرحمن يدل على صفة قائمة في الرب جل وعلا ذاتية والرحيم يدل على تعلقها بالمرحوم.
الرحمن من جهة المعنى أيضًا عامٌ لأنه يشمل الرحمة لكل الخلق يعني: يشمل رحمة الكافر والمؤمن بل والبهائم، والرحيم هذا خاص بالمؤمنين.
الرحمن من جهة المعنى نقول: عام. ومن جهة اللفظ خاص أي لا يجوز إطلاقه على غير الرب جل وعلا كاسم الجلالة، الله خاصٌّ ولذلك قيل: هو الاسم الأعظم. الرحمن هذا خاص لا يجوز أن يسمى به غيره أما الرحيم فهو من جهة اللفظ عامة فيجوز تسميته أو إطلاقها على المخلوق لأنه من جهة المعنى يكون خاصًا لأن متعلقه المؤمنون.
والرحيم كما تقول: جاء زيد الرحيم. تصف به لكن لا يقال الرحمن وأما تسمية مسيلمة الكذاب بالرحمن هذا من باب تعنته كما سبق بيانه.
(بسم الله الرحمن الرحيم) أُأَلِّفُ أو أنظم، الباء هذه للاستعانة أو للمصاحبة على وجه الخطاب، أُأَلِّفُ حال كوني مستعينًا بذكره متبركًا به، والتبرك هو: التيمن والفوز بالبركة.