إذًا قول بعضهم بأن المجاز أخو الكذب والقرآن منزه عنه نقول: ليس أخو الكذب. وإذا قيل: بأنه يصح نفيه. نقول: نعم هو علامة كونه مجازًا صحة نفيه ولا تُجعل هذه العلامة دليلاً على إبطاله لأنهم أرادوا بصحة النفي أن تُجعل هذه العلامة إثباتًا لكونه استعمل هذا اللفظ في غير المعنى الذي وضع له في اللغة العربية، وأن المتكلم لا يعدل إليه إلا إذا ضاقت به الحقيقة فيستعير وذلك محال على الله تعالى. قالوا: المجاز لا يَعْدِلُ إليه المتكلم إلا إذا ضاقت به الحيل. يعني ما قطع أن يأتي بالكلام على الحقيقة حينئذٍ ينزل إلى الدرجة الثانية ويأتي... بالمجاز، وهذا باطل. هذا فساده يغني عن إفساده هذا واضح أن المجاز قد تكون في بعض المواضع أبلغ من الحقيقية كما قيل، وقد تكون إما لخفتها وإما لكون الحقيقة غير مستعملة أو لكونها بشعة أو لكونها وحشية يعدل عنها إلى المجاز.
إذًا نقول: الجمهور على وقوع المجاز في القرآن، وإذا وجد في القرآن معناه أنه كائن وثابت في اللغة، ومن أثبته في اللغة ونفاه عن القرآن هذا من أبعد الأقوال وينبغي طرح وإطراحه لماذا؟
لأنه إذا وجد في اللغة فحينئذٍ وجد على جهة الاتساع والشيوع وكونه ذاع في لغة العرب وإذا وجد على هذه الجهة وهذه الهيئة حينئذٍ نقول: لزم منه وجوده القرآن. لزم وجوده في القرآن لقوله تعالى: ﴿بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ﴾ [الشعراء: ١٩٥]. ولسان العرب قد شُحِنَ بالمجازات الكثيرات في النثر وفي الشعر حينئذٍ إذا ثبت في لغة العرب لزم من ذلك أن يَثْبُتَ في القرآن، وأما القول بأنه في اللغة ولا يوجد في القرآن نقول: هذا فيه بُعْد.
إذًا لا خلاف في وقوع الحقائق في القرآن وأما المجاز فالجمهور على وقوعه في القرآن ودليله الوقوع لو قال قائل: ما الدليل على وجود المجاز في لغة العرب؟
نقول: هم استعملوها، استعملوا الأسد في الحيوان المفترس، واستعملوا الأسد في الرجل الشجاع، واستعملوا الحمار في المعهود، واستعملوه في البليد، وقالوا: قامت الحرب على ساق.... إلى آخره كثير جدًا في لسان العرب ما إذا أُسْنِدَ الفعل إلى غير من هو له أو غير ذلك من اللفظ أو المجاز العقلي أو الإسنادي نقول: هذا كله وقوعه دليل على أن المجاز موجود في لغة العرب.
النوع الثالث: المجاز. المجاز قسمان:
مجاز في التركيب ويسمى مجاز الإسناد.
والمجاز العقلي. وعلاقته المناقشة.
هذا ذكرناه ببسط في الجوهر المكنون.
المجاز في المفرد هذا النوع الثاني ويسمى المجاز اللغوي وهذا الذي ذكرنا تعريفه فيما سبق أو اللفظ المستعلم في غير ما وضع له، وأنواعه كثيرة ذكر منها بعضه قال: (مِنْها اختصارُ الحَذْفِ) من أنواع المجاز الذي هو المجاز العقلي أو اللفظي؟
اللفظي لأن الكلام في المجاز اللفظي (مِنْها اختصارُ الحَذْفِ)، (الحَذْفِ) المشهور أنه من المجاز يعني الحذف حذف المضاف أو حذف الخبر كما سيذكره المبتدأ هذا المشهور أنه من المجاز، وأنكر بعضهم كونه من المجاز قالوا: لماذا؟


الصفحة التالية
Icon