ومثال المثنى عن المفرد قوله تعالى: ﴿أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ﴾ [ق: ٢٤] قيل: ألقِ كما قيل: قفا نبك ألقيا اثنان قيل ألقِ هنا استعمل المثنى عن المفرد، ومثال المثنى عن الجمع فارجع ﴿ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ﴾ [الملك: ٤] أي: كرةً بعد كرة، هو باعتبار لا يحصل بماذا؟ بمرتين بل لا بد من جمعٍ.
مثال الجمع عن المثنى قوله تعالى: ﴿فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ﴾ [النساء: ١١] إخوة وهي تحجب بماذا؟ بالاثنين.
والمفرد عن الجمع والجمع عن المفرد سبق بيانه فيما سبق.
(والَّذِيْ عَقَلَ عَنْ ضِدٍّ لَهُ) يعني: ومنها من أنواع المجاز استعمال الذي عَقَلَ عن ضدٍ له يعني: الذي عقل، الموصول مع صلته في قوة المشتق، يعني الاستعمال العاقل (عَنْ ضِدٍّ لَهُ) وهو غير العقل ﴿قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ﴾... [فصلت: ١١] السماء والأرض طائعين هذا بياء ونون وهذا للعقلاء استعمل هنا العاقل في غير العاقل أليس كذلك؟ ﴿رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ﴾ [يوسف: ٤] جمع بياء ونون وهذا من صفة العقلاء رأيتهم ﴿رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً﴾ الكواكب الأصل هذا الظاهر ﴿رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ﴾ جمعه بواو ونون إذًا استُعمل الذي عقل في من أو فيما لا يعقل لأن الجمع بواو ونون من خواص العقلاء، والمسوغ هنا تَنْزِيلُه مُنَزَّلَتُهُ (أَوْ عَكْسُ ذِيْ) يعني: ومنها (عَكْسُ ذِيْ) (ذِيْ) يرجع إلى أي شيء؟
الظاهر أنه لقوله: (والَّذِيْ عَقَلَ عَنْ ضِدٍّ لَهُ أَوْ عَكْسُ ذِيْ) لأن اسم الإشارة يرجع إلى المتأخر، هذا الأصل كالضمير (أَوْ عَكْسُ ذِيْ) يعني: استعمال لفظ غير العاقل في العاقل كما استُعمل العاقل في غير العاقل استُعمل غير العاقل في العاقل، وهذا أجود. مثاله قوله تعالى: ﴿وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ﴾ [النحل: ٤٩]. ومعلوم أن الملائكة والثقلين منهم وهنا قال ﴿وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَا﴾ وما اسمٌ موصول بمعنى الذي أليس كذلك للعقلاء أو غيرهم؟ لغير العقلاء هذا هو الأصل، وهنا استعمل في ماذا؟ في غير العقلاء، استعمل غير العقلاء في العقلاء لأن العبرة دائمًا فيما إذا جمع العقلاء وغيرهم تغليب ماذا؟ العقلاء، وهنا استعمل في العقلاء ماذا استُعمل غير العاقل، أطلق لفظ ﴿مَا﴾ على الملائكة والثقلين وهم موضوعٌ لغير العاقل لكن لما اقترن به غلب عليه لكثرته. (سَبَبٌ) يعني ومنها (سَبَبٌ) أي استعماله في مسبب، استعمال السبب في المسبب أي إسناد الفعل إلى السبب ويسمى مجازًا عقليًا أو مجازًا إسناديًا ﴿يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ﴾، ﴿يُذَبِّحُ﴾ يذبح يعني: فرعون ﴿أَبْنَاءهُمْ﴾ يعني: أبناء بني إسرائيل، هو يذبح بنفسه؟ هو بنفسه يمسك ويذبح؟ لا. لِمَ أُسْنِدَ إليه الذبح؟ لكونه السبب في الأمر لكونه سببًا فيه أُسند إليه ﴿يُذَبِّحُ﴾ أي: فرعون ﴿أَبْنَاءهُمْ﴾ أبناء بني إسرائيل أي: يأمرهم بذبحهم فأسند إليه لأنه سببٌ فيه، (سَبَبٌ التِفَاتٌ) يعني: ومنها التفاتٌ، والالتفات عَدُّه من أنواع المجاز فيه نظر ليس بصواب، بل هو من أنواع الخطاب فإنه حقيقةٌ حيث لم يكن معه تجريد الصواب أن الالتفات هذا من الحقيقة وليس من ماذا؟ من المجاز.


الصفحة التالية
Icon