قالوا: قوله: ﴿قُرْآناً عَرَبِيّاً﴾. أجابوا عنه بأن الكلمات اليسيرة بغير العربية لا تخرجه عن كونه عربيًّا، والقصيدة فارسية لا تخرج عنها بلفظة فيها عربية، ولذلك أجمعوا على أن الأعلام موجودة في القرآن ووجدها لا يخرجه ولن يخرجه عن كونه عربيًّا، حينئذٍ ما الفرق بين أن يُجمع على وجود بعض الأعلام وهي أعجمية ولم تخرجه عن كونه قرآنًا عربيًا كذلك وجود بعض الألفاظ اليسيرة التي تُعَدّ على الأصابع لا تخرجه عن كونه قرآنًا عربيًّا.
إذًا لا فرق بينهما. وعن قوله: ﴿أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ﴾ [فصلت: ٤٤]. بأن المعنى من السياق أكلام أعجمي ومخاطب عربي. واستدلوا أيضًا بوجود الأعلام الأعجمية وهو مجمعٌ عليه.
إذًا هذان قولان:
وقوع الْمُعَرَّب في القرآن.
عدم وقوع الْمُعَرَّب في القرآن.
والجمهور على أنه عدم وقوع الْمُعَرَّب في القرآن. قال السيوطي رحمه الله: وأقوى ما رأيته للوقوع وهو اختياري - أنه واقع - ما أخرجه ابن جرير بسند صحيح عن أبي ميسرة التابعي الجليل حيث قال: في القرآن من كل لسان. يعني: من لسان العرب، ومن لسان الحبشة، ومن لسان الروم، ومن لسان الفرس... إلى آخره. يعني: فيه إشارة وليس المراد أن ولذلك أجمعوا على أن المختلف فيه هو ألفاظ كلمات يعني لا سورة بأكملها ولا جملة بأكملها بالإجماع هذا أنه لا يوجد في القرآن تركيب مركب تركيب إسنادي وهو مُعَرَّب أو أنه أعجمي هذا بالإجماع فضلاً عن كونها سورة أو غيرها وإنما الخلاف في ألفاظ. ولذلك نقل هنا عن ميسرة في القرآن من كل لسان وروي مثله عن سعيد بن جرير ووهب بن منبه، فهذا إشارة - السيوطي يقول وهو كلام نفيس -: فهذا إشارة إلى أن حكمة وقوع هذه الألفاظ في القرآن أنه حوى علوم الأولين والآخرين ونبأ كل شيء فلا بد أن تقع فيه الإشارة إلى أنواع اللغات والألسن ليتم إحاطته بكل شيء، فاختير له من كل لغة أعذبها وأخفها وأكثرها استعمالاً للعرب. لذلك جاء أن النبي - ﷺ - قد أُرْسِل إلى الإنس عامة بل للإنس والجن عامة وهذا يشمل العربي وغيره حينئذٍ أُشِير ببعض هذه الألفاظ إلى عموم الرسالة وإن كان الأصل أن كل رسول إنما يُرسل بلسان قومه، ولكن هنا يتعذر أن يُرسل بعدت ألسن فاختير اللسان العربي لأنه أفضل وأميز وأوسع الألسنة ثم أُشير إلى بعض الألسنة الشهيرة في ذلك الزمان ببعض هذه الألفاظ ففيه إشارة إلى ما ذكره السيوطي رحمه الله تعالى.


الصفحة التالية
Icon