لأن بعضهم يرى أنه يمتنع عقلاً أن يضع الواضع نصًا لمعنيين فأكثر، وبعضهم يرى أنه يجب أن يضع الواضع لفظًا لمعنيين فأكثر لأن المعاني أكثر من الألفاظ قالوا: المعاني أكثر من الألفاظ. فيلزم حينئذٍ أن يضع اللفظ الواحد لمعنيين فأكثر ليستوعب المعاني.
وهنا نقول: القول الأول الجواز. إذًا لا الوجوب، الجواز لا الوجوب لأن العقل لا يوجب مثل هذه الأشياء، ولذلك نذكر دائمًا أن اللغة نقلية لا مدخل للعقل فيها إلا من جهة الاستنباط، أما من كونه يضع لزومًا يجب عليه أن يضع نقول: لا، هذا ليس بلازم وخاصة إذا رجحنا أن الواضع هو الرب جل وعلا كما هو المشهور وهو الصحيح.
واللغة الرب لها قد وضعا
توقيف اللغات عند الأكثر
أكثر أهل العلم بأن اللغات كلها عربية وغيرها كلها توقيفية يعني: من وضعها هو الرب جل وعلا ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء﴾ [البقرة: ٣١]، ووقوعه يعني: ملفوظ به وقع في لغة العرب نُطق به وُجد في الدواوين ووُجد في النثر بل في القرآن مطلقًا يعني: في الوحي وفي غيره هذا هو القول الأول، جوازه عقلاً، ووقوعه مطلقًا يعني: في الوحي وفي غيره سواء كان في القرآن وفي غيره، وهو رأي جمهور أهل العلم - هذا رأي الأكثر -، (في رأي الأكثر وقوع المشترك) كذا قال في مراقي السعود، وقوع ذو الاشتراك واقعٌ في الأكثر، إذًا وهو رأي الأكثر وهو الحق ودليله مشاهدة الوقوع نحو قوله: ﴿ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ﴾، ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ﴾ [البقرة: ٢٢٨]. ونعلم من لسان العرب أن القرء وضع للطهر ووضع للحيض ولا يمكن أن يكون المراد هو مجموع المعنيان في هذه الآية بل لا بد من واحد منهما، إذًا هذا هو القول الأول وهو الصواب وهو الحق وقوع المشترك في اللغة وفي القرآن أيضًا ولا مانع من ذلك.
القول الثاني: مَنْعُهُ مطلقًا. وهذا مَنَعَهُ ثعلب والأبهري والبلخي، مَنْعُهُ يعني: لا يجوز أن يكون في اللغة ما هو مُشْتَرَك يعني بين معنيين فأكثر لماذا؟
يعني مطلقًا أرادوا به في الوحي وفي غيره لأنه يقابل القول الأول.
القول الأول: الجواز والوقوع مطلقًا.
القول الثاني: المنع مطلقًا في الوحي وفي غيره.


الصفحة التالية
Icon