لأن بعضه يرجع إلى اللغة كالمترادف والمشترك وما ذكرناه بالعقد الرابع، وبعضه يرجع إلى أصول الفقه كالمبحث الذي سيذكره في العقد الخامس هذا، فحينئذٍ يكون ما يقال في ذلك العلم يُنقل بنفسه فيجعل في علوم القرآن، ولذلك لو نظر في علوم القرآن لوجد أن العلوم التي يمكن أن تستقل عن العلوم التي تُبحث في اللغة وفي أصول الفقه وفي علوم الحديث لوجد أنها قليلة، وأما ما يرتبط به الحكم الشرعي مطلقًا سواء كان في الأحكام الأصلية معتقد والأحكام الفرعية العلمية والعملية لوجد أن أكثرهم يبحث في اللغة وفي أصول الفقه وفي علوم الحديث، وما ينفرد به علوم القرآن هو أقل يعني: ما يترتب عليه من حيث العمل وإلا المبحث هذا العام والخاص والمطلق والمقيد والناسخ والمنسوخ والمنطوق والمفهوم هذا جل وأهم ما يُذكر في أصول الفقه وهو البحث في ماذا؟ في الألفاظ كذلك هنا لو نظرت نفس ما يقال في أصول الفقه هو عينه الذي يقال هنا، وأما ما يقوله البعض العامة من المعاصرين بأن أرباب علوم القرآن قد أخطئوا في وضع هذه الأنواع في علوم القرآن ثم نقلوا كلام الأصوليين هنا، والأولى أنه يتكلم بلغة علوم القرآن، نقول: وما هي لغة علوم القرآن؟
ليس بفن مستقل بذاته حينئذٍ لو قيل: العام. ولم يبحث كما بحثه الأصوليين بماذا يقال عام؟ الأصوليون يعرف لك العام ثم يقسمه ثم يذكر لك أن العام من عوارض الألفاظ ثم يذكر لك وجود العام القول به سائغ أو لا، ثم يقول إجماع الصحابة على أنهم عملوا بالعام ثم ما يتخصص... إذًا هذا كله في الكتاب وهذا كله يتعلق بعلم القرآن علم الكتاب، حينئذٍ ننظر فيه من هذه الجهة ولا يمكن أن يُنظر فيه من جهة أخرى لأن الحكم عليه بكونه عامًا هذا حكم اللغوي، الحكم بأن هذا اللفظ عام الناس بمعنى عام والذي والتي والذين ليس بحكم الأصولي وليس بحكم شرعي وليس بحكم يتعلق بعلوم القرآن ولا بحكم يتعلق بعلوم الحديث ونحو ذلك، بل هي علوم لغوية بحتة في الأصل ولذلك يقال: العام. هذا لفظ وضعته العرب للدلالة على الشمول مع أن اثنين فصاعد حينئذٍ لا يتصور أن ينفك الكلام في علوم القرآن في مبحث العام والخاص ومبحث المطلق والمقيد عن كلام الأصوليين بل هو عينه ولا إشكال في هذا لأنها ما ذكرت في علوم القرآن إلا من أجل ماذا؟ من أجل استنباط الأحكام الشرعية منها، إن وجد مطلق ومقيد ولا يتعلق به حكم شرعي فحينئذٍ نقول: هذا ينطبق عليه حد المطلق والمقيد عند الأصوليين، وكونه لم يتعلق به حكم شرعي فرعي فحينئذٍ لا ينفي كونه من مباحث ماذا؟ الأصوليين أو اللغويين، فحينئذٍ النظر في هذه العلوم أو هذه الأنواع في علوم القرآن تجد ((البرهان)) للزركشي وهو أصولي كما هو معلوم، وتجد ((الإتقان)) وتجد غيره كالبلقيني ونحوه يذكرون خلاف الأصوليين ويذكرون ما يذكرونه في أصول الفقه بتمامه كأنه بحث نقل من الأصول إلى علوم القرآن وهذا لا إشكال فيه بل هو الأصل، وحينئذٍ لا نحتاج أن نقول: لا بد أن نتكلم في علوم القرآن في مبحث عام في كلام مغاير لكلام الأصوليين هذا لا يمكن أن يقع، ولا يمكن أن نتكلم عن المطلق والمقيد بكلام مغاير لكلام الأصوليين هذا لا وجود له أصلاً لا وجود له.