في كفارة الظهار الحكم الإطعام، السبب الظهار، إذًا اختلف حكمًا وسببًا لا يُحْمَل هذا على ذاك.
الثالث: أن يتفق الحكم ويختلف السبب، وهذا ما مَثَّلَهُ الناظم إطلاق الرقبة في كفارة الظهار ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ﴾، وقيدت في كفارة القتل، الحكم واحد والسبب مختلف هذا قتل وهذا ظاهر، هل يحمل المطلق على المقيد، هذا فيه خلاف فيما إذا اتحدا السبب هنا اتحد ماذا؟ الحكم واختلف السبب.
الجمهور على حمل المطلق على المقيد في هذا النوع، وذلك مثل إطلاق الرقبة في كفارة الظهار في قوله: ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ﴾. مع تقيد الرقبة بكونها مؤمنة في كفارة القتل ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ﴾ [النساء: ٩٢] فالحكم العتق، والسبب في الرقبة المطلقة الظاهر، وفي الرقبة المقيدة بالإيمان قتل الخطأ، وهذا المطلق يحمل على المقيد عند أكثر أهل العلم، والأحناف لهم نزاع ذكرناه في شرح القواعد.
الرابع: عكس الثالث، ما هو عكسه؟ أن يتفقا السبب ويختلفا في الحكم، الثالث الاتفاق في الحكم والاختلاف.. عكسه. الاتفاق في السبب والاختلاف في الحكم، هذا مَثَّلُوا له بالمثال المشهور وهو قوله تعالى في آية الوضوء ﴿فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ﴾ [المائدة: ٦] وقال في التيمم ﴿فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ﴾. أطلق هنا وقيد في ماذا؟ في الوضوء، ما هو سبب الوضوء؟ الحدث والقيام إلى الصلاة. الحكم غسل اليدين، وما هو السبب في التيمم؟ الحدث أيضًا والقيام إلى الصلاة ما الحكم؟
المسح وهو التيمم، إذًا اتفقا في السبب واختلفا في الحكم، الْغَسْل مغاير للمسح هل يحمل المطلق على المقيد؟
هذا محل نزاع، والصواب أنه لا يحمل، أكثر العلماء على عدم حمل المطلق على المقيد في هذه الحالة، ومَثَّلُوا له أيضًا بقوله ويختلف الحكم إطلاقًا... ﴿فَإِطْعَامُ﴾ في كفارة الظهار ﴿فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً﴾ مع تقييد الصيام بقوله: ﴿مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا﴾، ﴿فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا﴾ [المجادلة: ٤] هل يُحْمَلُ أو لا؟ نقول: لا.
هذه الأقسام الأربعة فيما إذا كان المقيد واحدًا، وأما إذا تعدد المقيد يعني: جاء مطلقًا في موضع وجاء مقيدًا في موضع آخر بقيد وجاء مقيدًا في موضع آخر بقيد يغاير ذلك القيد، إذًا مطلق ومقيدان الأحكام الأربع صور هذه كلها في ماذا؟ مطلق ومقيد، لكن لو جاء عندنا مطلق ومقيدان يعني: جاء إطلاقه في موضعه وجاء تقيده في موضع آخر وجاء تقيده في موضع ثالث لكنه بقيد مغاير عن القيد الثاني في الحالة الثانية على أيٍّ يحمل منها أو لا يحمل؟
هذا فيه تفصيل.