(ومِنْهُ الإعْجازُ). قلنا: الإعجاز هذا مصدر أَعْجَزَ يُعْجِزُ إِعْجَازًا، والْمُعْجِز هذا يطلق عليه الآية وهو استعمالٌ القرآن وهو أولى وإن شاع عند كثير من المتأخرين إطلاق الإعجاز على الآية والعكس هو الصواب أن يطلق الآية على الإعجاز لأنه ما جاء في الكتاب والسنة إلا لفظ الآية والمعجزة عندهم أمرٌ خارقٌ للعادة مقرونٌ بالتحدي مع عدم المعارضة، والمراد بالتحدي طلب المعارضة أمرٌ خارقٌ للعادة مقرونٌ بالتحدي يأتي صاحبه يتحدى بهذه الآية هذا الأمر الخارق للعادة مع عدم المعارضة يعني لا يعارضه أحد والمعارضة هنا هي ما يكون في مثل هذا الموضع أن يُؤتى بلفظٍ معجز ولما انتفى ذلك لما تحداهم الرب جل وعلا ليأتوا بمثله فعجزوا ولم يستطيعوا تحداهم أن يأتوا بعشر سورٍ مثله، أيضًا لم يستطيعوا تحداهم أن يأتوا بسورةٍ أيضًا لم يستطيعوا. إذًا عدم المعارضة لم يتمكنوا من المعارضة لذلك قلنا: الصواب هو قول من يرى أن عدم المعارضة هنا لذواتهم. يعني قصورهم لذاتهم لا لكونهم قادرين وصُرِفُوا، لا، لا نقول بالصرف كما يقول المعتزلة ومن على شاكلتهم.
ما اختص به علم التفسير
وليس في طوق الورى من أصله | أن يستطيعوا سورةً من مثله |
(ومِنْهُ الإعْجازُ) يعني للخلق إعجازه للخلق لإظهار صدق النبي - ﷺ - في صحة دعواه لأن الإعجاز المقصود به إثبات أن القرآن حق وأن الرسول، رسول صدقٍ صلى عليه وآله وسلم. حصل بسورة هذا مفهومه أو هذا بيان لأقل ما يحصل به الإعجاز، اقتصر عليه على السورة دون ما دونه وهو الآية لماذا؟ لأنه لم يأت نص صريح - أقول: صريح - في التحدي بالآية وإن جاء التحدي بالآية ضمنًا، إذًا اقتصر على السورة لماذا؟
لأنه لم يكن في القرآن آية صريحة في التحدي بالآية لأنه كما ذكرنا أنه لا يوجد آية مفردة ليس عندنا في القرآن آية مفردة بل هي مستلزمة لما قبلها ولِمَا بعدها فصدق أن أقل ما يحصل به الإعجاز والتحدي هو السورة وأقل سورة هي سورة الكوثر وآياتها عددها ثلاث آيات فدل على ماذا؟
على أنه لا تكون الآية بمفردها دعوى التحدي وإنما تكون بثلاث آيات فأكثر.