للمعنى، المعنى لو قصده بقلبه ولم يقرأ الآية وقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً﴾ [البقرة: ٢٦] ها مسلم أو كافر؟
كفر، إذًا الوقف لا تأثير له، فالقصد والمعنى القائم في القلب هذا منفك عنه فحينئذٍ لا يكون الوقف لذاته قبيح وإنما لما صحبه من معنى فاسد، ولذلك قال بعضهم: ليس في القرآن من وقفٍ واجبٍ يأثم القارئ بتركه ولا من وقفٍ حرام يأثم بوقفه، لماذا؟
لأن الوصل والوقف لا يدلان على معنى يختل بذهابهما فحينئذٍ من قصد معنى وحكمنا على أن هذا المعنى القائم بالقلب مكفر لصاحبه نقول قرأ أو لم يقرأ هو كافر، وصل أو وقف فهو كافر فحينئذٍ لا يُرتبط بماذا؟ لا يجعل معلقًا بالوقف وإنما هو بالمعنى ليس في القرآن من وقفٍ واجبٍ يأثم القارئ بتركه ولا من وقفٍ حرام يأثم بوقفه لأن الوصل والوقف لا يدلان على معنًى يختل بذهابهما بل المعنى يكون قائمًا بالقلب سواءٌ وصل أم وقف ولو لم يقرأ ولذلك قيل ﴿لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ﴾ [المائدة: ٧٣] وقف ﴿إِنَّ اللهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ﴾ [المائدة: ٧٣] ﴿إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ﴾ [المائدة: ١٧] فبدأ هكذا حينئذٍ نقول: هذا إن قصد المعنى فكفر، لكنه لو قصد المعنى ولو لم يصل أو وصل، أو لم يقرأها نقول: فهو كافر. حينئذٍ الوقف لا يدل على شيء من حيث هو ولذلك نقول: القبح هنا هذا القبح الاصطلاحي وليس المراد به القبح... الشرعي، بل لا نقول بتحريمه ولا بكراهته لا نقول أن محرم ولا أنه مكروه، هذا حكمه فما هو الوقف القبيح؟
قيل: الوقف القبيح هو ما يُوهم الوقوع في محظورٍ مثل ما ذكرناه من الآية ﴿إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي﴾ [البقرة: ٢٦] فوقف نقول: هذا يوهم الوقوع في محظور لقد ﴿لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ﴾ [المائدة: ٧٣] فوقف ﴿إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ﴾ [المائدة: ١٧] نقول هذا وقفٌ يوقع أو يومهم في محظورٍ يوهم الوقوع في محظور لكن هذا الحدّ كما سيأتي أنه ناقص غير جامع، وقيل هو ما لا يحسن الوقف عليه وهذا أحسن من الأول، وقيل: ما ليس بتامٍ ولا كافٍ ولا حسن. وهذان الأخيران أولى من الأول، يعني ما لا يحسن الوقف عليه هذا تعريف جيد ما لا يحسن الوقف عليه، أو ما ليس بتامٍ ولا كافٍ ولا حسن، نقول: هذا أيضًا تعريف جيد ولكنه تعريفٌ بالحصر كأنه قال: الاسم ما ليس بفعلٍ ولا حرف، والحرف ما ليس باسمٍ ولا فعل، وهلما جرا، وتحت الوقف القبيح نوعان: الوقف على كلامٍ لا يفهم منه معنًى لعدم تمام الكلام، الوقف القبيح نوعان:
النوع الأول: الوقف على كلامٍ لا يفهم منه معنًى لعدم تمام الكلام، وقد تعلق ما بعده بما قبله لفظًا ومعنًى كالوقف على المبتدأ دون الخبر، أو الوقف على المضاف دون المضاف إليه، أو الوقف على فعل دون الفاعل نقول: هذا وقفٌ قبيح لماذا؟ لكون المعنى لا يتم لو قال: ﴿الْحَمْدُ﴾ [الفاتحة: ٢] فوقف هذا نقول ماذا؟ هل فهم منه شيء لم يفهم منه شيء، لأنه لا يدل على معنى لماذا؟


الصفحة التالية
Icon