لم ير أسدا، وإنما رأى رجلا شجاعا، وهذا ظاهر في ضعف تقسيم اللفظ إلى حقيقة ومجاز.
(٨) أن هذا التقسيم لا ينضبط بضابط صحيح، ولهذا فإن عامة ما يسميه
بعضهم مجازا، يسميه غيرهم حقيقة، وكل يدعي أن اللفظ مستعمل في موضوعه،
وهذا يدل على بطلان هذا التقسيم، وتجرده من الحقيقة، وإذا بطل التقسيم بطل تقسيم التقسيم حيث قسموا كل قسم إلى أقسام وهذا ينقصه الدليل الصحيح، والنقل السليم (١).
(هـ) أن الفروق التي يفرق بها بين الحقيقة والمجاز ليست صحيحة، كقولهم: إن المجاز يصح نفيه، والحقيقة ليست كذلك، وإن المجاز ما يتبادر غيره إلى الذهن، والحقيقة ما تتبادر إلى الذهن، وإن الحقيقة ما يفيد المعنى مجردا عن القرائن، والمجاز مالا يفيد ذلك المعنى إلا مع القرينة (٢).
فهذه الفروق لم تخل من مناقشات طويلة، ومستلزمات غير سديدة، ثم ما ضابط القرائن، والعلائق التي تذكر؟ كل ذلك وغيره مما ليس له برهان ساطع، وضابط واضح يدل على عدم صحة هذه الفروق، وفساد اللازم يدل على فساد الملزوم (٣).
(ز) أن هذا الأمر يستلزم لوازم غير صحيحة، ويترتب عليه أمور غير سديدة، وما استلزم ذلك فهو مثله، فما أولت الآيات وردت الأحاديث، إلا بدعوى

(١) - انظر في بطلان التقسيم وما يترتب عليه: ٧/ ٩٦ - ١٠٦ من الفتاوى، ص٩٢ - ١٠٤ من الإيمان، ١/ ٢٤٣ - ٢٨٧ من مختصر الصواعق، فقد ذكر فيه خمسين وجها على بطلانه، لما يترتب عليه من لوازم فاسدة.
(٢) - انظر في الفروق بينهما: ٧/ ٩٦ - ١١٥ من الفتاوى، ص٩٢ - ١٠١ من الإيمان، ٢/ ٢٤٧ - ٢٦١ من مختصر الصواعق، ١/ ٢٥ - ٢٧ من المعتمد، ١/ ٨٦ من التمهيد لأبي الخطاب، ص٢٥ من إرشاد الفحول.
(٣) - وانظر في ذلك: ٧/ ٩٦ - ١١٥ من الفتاوى، ص٩٢ - ١٠١ من الإيمان، ١/ ٢٤٧ - ٢٦١ من مختصر الصواعق.


الصفحة التالية
Icon