يقول شيخ الإسلام ابن تيميه - رحمه الله -: "فهذا التقسيم اصطلاح حادث بعد انقضاء القرون الثلاثة لم يتكلم به أحد من الصحابة ولا التابعين لهم بإحسان ولا أحد من الأئمة المشهورين في العلم،.. بل ولا تكلم به أئمة اللغة،.. ولا من سلف الأمة، وعلمائها وإنما هو اصطلاح حادث،.. فإن تقسيم الألفاظ إلى حقيقة، ومجاز إنما اشتهر في المائة الرابعة، وظهرت أوائله في المائة الثالثة، وما علمته موجودا في المائة الثانية" (١).
وقال العلامة ابن القيم رحمه الله بعد رده تقسيم اللفظ إلى حقيقة ومجاز: "وهو اصطلاح حدث بعد القرون الثلاثة المفضلة بالنص" (٢).
المبحث الأول: أقوال العلماء في المجاز.
اختلف العلماء في المجاز بين مجيز، ومانع، ومفصل، ولقد تتبعت أقوالهم فيه فتحصل لي خمسة مذاهب (٣) هي:
الأول: الجواز والوقوع مطلقا، وإليه ذهب الجمهور (٤).
الثاني: المنع مطلقا، وإليه ذهب بعض العلماء والمحققين منهم أبو إسحاق الاسفراييني (٥) من الشافعية، وأبو علي الفارسي من أهل اللغة، وهو قول المحققين من العلماء (٦).
(٢) - مختصر الصواعق المرسلة ٢/ ٥.
(٣) - أوردها كلها الزركشي في البحر المحيط ٢/ ١٨٥.
(٤) - انظر: ١/ ٢٤ من المعتمد، ١/ ٤٧ من الإحكام للآمدي، ١/ ٨٠ من التمهيد لأبي الخطاب، ص٥٦٤ من المسودة، ١/ ١٩١ من شرح الكوكب، ص٢٢ من إرشاد الفحول.
(٥) - وقد طعن في النقل عن أبي إسحاق الاسفراييني إمام الحرمين ظنا منه ولكن الأظهر ثبوته عنه، وقد دأبت كتب الأصول على إثباته عنه، وعن الفارسي في أكثرها.
(٦) - كشيخ الإسلام ابن تيميه وتلميذه العلامة ابن القيم، وقد ذكرا من ذهب إليه، انظر ٧/ ٨٩ من الفتاوى، ص٨٥ من كتاب الإيمان، ط/٢، المكتب الإسلامي، بيروت ٢/ ٢٤٢ - ٢٤٣ من مختصر الصواعق المرسلة لابن القيم، اختصار محمد بن الموصلي دار الندوة الجديدة، بيروت، وانظر في ذلك أيضا: ١/ ٨٠ من التمهيد لأبي الخطاب، ص١٦٥ من المسودة، ١/ ١٩٢ من شرح الكوكب المنير، ١/ ١٨٣ من شرح ابن بدران على الروضة، ص٥٨ من مذكرة الشنقيطي.