﴿أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ﴾ أي أفلا يتأملون في معانيه ومراميه ومبانيه؛ فيعلمون أنه الحق من ربهم
﴿وَإِذَا جَآءَهُمْ﴾ أي جاء المسلمين، أو المنافقين ﴿أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ﴾ خبر يؤدي إلى النصر ﴿أَوْ﴾ أمر من ﴿الْخَوْفِ﴾ خبر يؤدي إلى الهزيمة ﴿أَذَاعُواْ بِهِ﴾ أفشوه؛ وفي هذا ما فيه من إذاعة الأسرار المتعلقة بالحروب، والتي قد تؤدي إلى أوخم العواقب ﴿وَلَوْ رَدُّوهُ﴾ أي ردوا هذا الأمر ﴿إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ﴾ من الرؤساء والولاة والقادة؛ لأنهم وحدهم الذين يعلمون أين توجد المصلحة. ويعلمون ما يجب إذاعته وما يجب كتمانه ﴿لَعَلِمَهُ﴾ أي لعلم ذلك الأمر الخطير - الذي يعتبر سراً حربياً - ﴿الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ﴾ يستخرجون من الأمر ما يذاع وما لا يذاع ﴿وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ﴾ بإرسال الرسل، وإبداء النصح والإرشاد، والتوفيق إلى السداد لولا ﴿رَحْمَتِهِ﴾ بإنزال القرآن ﴿لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ﴾ الذي يوردكم موارد الخسران؛ مثل هؤلاء المنافقين الذين يقولون لرسولالله - إذا أمرهم بأمر ـ: «طاعة. فإذا برزوا من عنده بيت طائفة منهم غير الذي تقول» والخطاب للذين قال لهم جل شأنه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ فَانفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُواْ جَمِيعاً﴾
والاستثناء بقوله تعالى ﴿إِلاَّ قَلِيلاً﴾ ينصب على المستنبطين من أولي الأمر؛ الذي عناهم العليم الحكيم بقوله: ﴿وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾
﴿وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ حثهم على القتال ﴿عَسَى اللَّهُ أَن يَكُفَّ﴾ يمنع بهذا التحريض، وهذا الاستعداد ﴿بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ﴾ قوتهم
-[١٠٨]- وسطوتهم؛ فأنتم تدعون إلى الحق، وهم يدعون إلى الباطل؛ وأنتم تدعون إلى الجنة، وهم يدعون إلى النار، وأنتم يدفعكم الرحمن، وهم يدفعهم الشيطان و ﴿إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ﴾ ﴿وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنكِيلاً﴾ أشد تعذيباً. ونكل به: جعله عبرة لغيره


الصفحة التالية
Icon