سورة المائدة
بسم اللَّه الرحمن الرحيم
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ﴾ هو أمر بالوفاء بكل عقد. والعقد: كل اتفاق يتم بين اثنين فأكثر؛ مكتوباً كان أو غير مكتوب: فالزواج عقد، والوفاء به: حسن العشرة، وترك المضارة. والبيع عقد، والوفاء به: عدم الغش، وحسن المعاملة. والوعد - أياً كان - عقد، والوفاء به: إنجازه. ويقاس على ذلك سائر الاتفاقات التي تحمل بين طياتها حقوقاً والتزامات (انظر آية ٧٢ من سورة الأنفال) ﴿بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ﴾ وهي الإبل والبقر والغنم؛ أو هي الأنعام الوحشية؛ من الظباء والبقر والحمر ونظائرها ﴿إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ﴾ تحريمه في قوله تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَآ أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ﴾ ﴿غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ﴾ أي ﴿أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ﴾ غير مستحلي صيد ما يصاد منها، وأنتم محرمون. وقيل المراد بالإحلال: أجنة الأنعام التي توجد ميتة في بطونها عند ذبحها
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللَّهِ﴾ شعائر الله: حدوده التي حددها لعباده - من إحلال الحلال، وتحريم الحرام - والمراد بها هنا: معالم الحج؛ كالطواف، والسعي، والحلق، والنحر، ونحوه. وإحلالها: تعدي حدود الله تعالى فيها، ومخالفة أوامره ﴿وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ﴾ أي ولا تنتهكوا حرمات الشهر الحرام، والأشهر الحرم: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب؛ وانتهاك حرماتها: القتل فيها ﴿وَلاَ الْهَدْيَ﴾ وهو ما يهدى إلى البيت تقرباً إلى الله تعالى ﴿وَلاَ الْقَلائِدَ﴾ جمع قلادة؛ وهو ما قلد به الهدي. أي لا تنتهكوا حرمات الهدي؛ سواء كان مقلداً أو غير مقلد. وقيل: إنهم كانوا في الجاهلية يتقلدون من لحاء شجر الحرم؛ فيأمنون على أنفسهم حتى يلحقوا بأهلهم؛ فنهى الله عن التقلد بشيء من شجر الحرم
﴿وَلا آمِّينَ﴾ ولا قاصدين ﴿الْبَيْتَ الْحَرَامَ﴾ أي لا تمنعوا قاصدي البيت عن الوصول إليه، ولا تقاتلوهم؛ لأنهم ﴿يَبْتَغُونَ﴾ بذلك ﴿فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَاناً وَإِذَا حَلَلْتُمْ﴾ انتهيتم من أداء مناسك الحج، وحل لكم ما حرم
-[١٢٥]- عليكم - بسبب الإحرام - كالصيد والحلق ونحوهما ﴿وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ﴾ لا يحملنكم ﴿شَنَآنُ﴾ بغض ﴿قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ﴾ أي من أجل أنهم منعوكم ﴿عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ﴾ عليهم ﴿وَتَعَاوَنُواْ﴾ جميعاً ﴿عَلَى الْبرِّ﴾ بالناس ﴿وَالتَّقْوَى﴾ وتقوى الله تعالى وخشيته ﴿وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ﴾ أي ولا تتعاونوا على ارتكاب الذنوب ﴿وَالْعُدْوَانِ﴾ على الناس