﴿إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ﴾ اتجهت بكليتي ﴿لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ﴾ خلقهما؛ والفطر: الخلق من غير مثال سابق ﴿حَنِيفاً﴾ مائلا إلى الدين الحق؛ والحنيف: الصحيح الميل إلى الإسلام، الثابت عليه
﴿وَحَآجَّهُ﴾ جادله ﴿قَوْمِهِ﴾ فيما قاله ﴿قَالَ أَتُحَاجُّونِّي﴾ أتجادلونني ﴿فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِي﴾ إلى معرفته ﴿وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ﴾ في عبادته ﴿إِلاَّ أَن يَشَآءَ رَبِّي شَيْئاً﴾ أي إلا أن يشاء الله تعالى أن يبتليني بشيء من المكروه؛ فلا اعتراض لي عليه؛ إذ أنني ملكه وصنع يده؛ يفعل بي ما يشاء، ويحكم فيّ بما يريد
﴿وَكَيْفَ أَخَافُ مَآ أَشْرَكْتُمْ﴾ وهي لا تنفع ولا تضر، ولا تسمع، ولا تعقل ﴿وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللَّهِ﴾ وهو السميع البصير، اللطيف الخبير، المعطي المانع، النافع الضار ﴿مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً﴾ أي ما لم يقم عليه دليل عقلي أو نقلي ﴿فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ﴾ والاطمئنان للمصير: نحن الذين عبدنا الإله الحق، القادر القاهر الرازق، المحيي المميت؛ ولم نخف آلهتكم وأصنامكم؛ أم أنتم وقد عبدتم ما صنعتم بأيديكم من جماد لا يقدر على حماية نفسه؛ ولم تخشوا ربنا الذي خلقنا وهدانا، ورزقنا وكفانا ﴿فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ﴾ نحن أم أنتم ﴿أَحَقُّ بِالأَمْنِ﴾ والطمأنينة؟
﴿الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ﴾ يخلطوا
﴿إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ﴾ بشرك ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ أو هو الظلم نفسه ﴿أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ﴾ من العذاب في الدنيا، والأمن بالنجاة من النار في الآخرة
﴿وَتِلْكَ حُجَّتُنَآ﴾ التي احتج بها إبراهيم على قومه بوجود الله تعالى ووحدانيته؛ بأن وجهنا نظره للكائنات، فرأى ما يحدث لها من تغيرات؛ وعلم أن الإله لا يتبدل، وأن الخالق لا يتغير؛ وتوصل بطريق الاستدلال العقلي إلى معرفة الله تعالى: الموجود في سائر الوجود ﴿فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ﴾ وصلوات الله وسلامه على سيدنا ومولانا إبراهيم: رأس الملة الحنيفية، وإمام أهل الحق، وجد نبينا محمد ﴿نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَآءُ﴾ في العلم والحكمة، وسمو الروح، وعلو الهمة
﴿وَمِن ذُرِّيَّتِهِ﴾ أي من ذرية نوح عليه السلام.


الصفحة التالية
Icon