﴿وَغَرَّتْهُمُ﴾ خدعتهم
﴿ذلِكَ أَن لَّمْ يَكُنْ رَّبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ﴾ منه لها؛ فتعالى الله عن الظلم وإنما هم ظلموا أنفسهم باتباع الهوى والشيطان، وانشغالهم بالحياة الدنيا وزخرفها، عن الآخرة ونعيمها ﴿وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ﴾ بدون رسول أو نذير
﴿وَلِكُلِّ﴾ من الجن والإنس ﴿دَرَجَاتٌ﴾
في الجنة، أو دركات في النار ﴿مِّمَّا عَمِلُواْ﴾ من خير أو شر (انظر آية ٣١ من سورة الأحقاف)
﴿وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ﴾ يعطي من يشاء إعطاءه، ويرزق من يشاء رزقه بغير حساب؛ ورزقه تعالى ما له من نفاد وهو جل شأنه ﴿ذُو الرَّحْمَةِ﴾ الواسعة قال تعالى: ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾ جعلنا الله تعالى ممن وسعته رحمته، وتناولته مغفرته، وشملته عنايته ورعايته ﴿إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ﴾ بالإهلاك أو بالموت ﴿وَيَسْتَخْلِفُ﴾ يخلق من يخلفكم على هذه الأرض؛ خلفاً آخر أطوع منكم
﴿إِنَّ مَا تُوعَدُونَ﴾ به؛ من العذاب والقيامة ﴿لآتٍ﴾ لا محالة ﴿وَمَآ أَنتُم بِمُعْجِزِينَ﴾ بفائتين عذابنا إذا أنزلناه
﴿قُلْ يقَوْمِ اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ﴾ أي اعملوا على تمكنكم من أمركم، وأقصى استطاعتكم في الكفر ﴿إِنَّي عَامِلٌ﴾ ما في استطاعتي من طاعة لربي، وإيمان به ﴿فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ غداً يوم القيامة؛ عند نزول نقمة الله ﴿مَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ﴾ أي العاقبة المحمودة في الآخرة
﴿وَجَعَلُواْ للَّهِ مِمَّا ذَرَأَ﴾ أي مما خلق. ذرأ الله الخلق: خلقهم. وذرأ الشيء: كثره ﴿مِنَ الْحَرْثِ﴾ الزرع ﴿وَالأَنْعَامُ﴾ الإبل والشاء؛ وتطلق على الإبل خاصة ﴿نَصِيباً﴾ قسماً وجزءاً ﴿فَقَالُواْ هَذَآ﴾ النصيب ﴿للَّهِ بِزَعْمِهِمْ﴾ وجعلوا منها أيضاً نصيباً، وقالوا: ﴿وَهَذَا لِشُرَكَآئِنَا﴾ يعنون الأصنام ﴿فَمَا كَانَ لِشُرَكَآئِهِمْ فَلاَ يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ للَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَآئِهِمْ﴾ قيل: كان إذا اختلط ما جعلوه لله بما جعلوه لشركائهم: تركوه، وإذا اختلط ما جعلوه لشركائهم بما جعلوهلله: أخذوه. وقد يكون المعنى: أن الله تعالى لا يقبل منهم شيئاً؛ فما جعلوه له فهو مردود عليهم، وغير مقبول منهم، وواصل إلى شركائهم؛ فلينتظروا ثوابه منهم لا من الله
﴿وَكَذلِكَ﴾ كما زين لهؤلاء المشركين أن جعلو الله نصيباً ولأصنامهم نصيباً ﴿زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلاَدِهِمْ﴾ بالوأد: زين لهم ذلك ﴿شُرَكَآؤُهُمْ﴾ من الشياطين؛ وسماهم تعالى شركاء: لأنهم يتبعونهم ويستمعون إليهم؛ كطاعتهم واستماعهملله؛ فهم بذلك - في نظرهم - شركاءلله في العبادة؛ أو المراد بالشركاء: أصدقاء السوء؛ الذين يزينون الكفر والمعاصي؛ فمنهم من يزين الوأد خشية الفقر، ومنهم من يزينه خشية فضيحة الزنا وهوان السبي زينوا ذلك لهم
-[١٧٢]- ﴿لِيُرْدُوهُمْ﴾ ليهلكوهم بهذا الجرم والإثم ﴿وَلِيَلْبِسُواْ﴾ ليخلطوا ﴿عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ﴾ فلا يعرفون ما أحله الله تعالى مما حرمه ﴿وَلَوْ شَآءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ﴾ ولكنه تعالى تركهم وشأنهم: خلق لهم عقولاً يفكرون بها، وبعث لهم رسلاً يهدونهم إلى ما ينفعهم، وأنزل عليهم كتباً يستضيئون بنورها، ويسيرون على هديها، وأبان لهم فيها ما يضرهم وما ينفعهم ﴿وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَينِ﴾ ﴿فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ﴾ ﴿فَذَرْهُمْ﴾ دعهم يا محمد واتركهم ﴿وَمَا يَفْتَرُونَ﴾ وما يختلقون من باطلهم من جملة افترائهم وكفرهم أن ﴿الأَنْعَامِ﴾ على الأنعام والحرث التي وهبها الله تعالى لهم، وأحلها لمن شاء من عباده


الصفحة التالية
Icon