﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ﴾ وإنما هم حرموا على أنفسهم الطيبات، ليحظوا بالخيرات، ولم يطلقوا إسارها ليأمنوا عثارها وليصدق عليهم قول الحليم الكريم ﴿قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ أي أن زينة الله والطيبات من الرزق ستكون يوم القيامة خالصة للذين آمنوا في الحياة الدنيا. كيف لا؛ وقد أطعموا الطعام على حبه، وجعلوا هواهم تحت أرجلهم ورضا ربهم نصب أعينهم؛ وآثروا غيرهم على أنفسهم فاحرص - هديت وكفيت - على الإيثار لا الأثرة، والإنفاق لا الجمع، واحذر البطنة؛ فإنها تذهب الفطنة قال: «ما ملأ ابن آدم وعاءً شر من بطنه» وقد جمع القرآن الكريم في قوله تعالى:
﴿وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ﴾ أصول الطب وخلاصة تجارب الأولين، وحكمة علوم الآخرين ويعتبر من أعظم قواعد حفظ الصحة. وعدم الإسراف في الأكل والشرب: وقاية من كثير من الأمراض الفتاكة؛ كأمراض القلب، والكبد، والسكر، والضغط العالي وتصلب الشرايين
﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ﴾ جمع فاحشة؛ وهي القبائح ﴿مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾ كالقتل والسب ﴿وَمَا بَطَنَ﴾ كالزنا والغيبة والنميمة ﴿وَالإِثْمَ﴾ المعصية ﴿وَالْبَغْيَ﴾ الظلم والكبر ﴿وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً﴾ حجة أو دليلاً
﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ﴾ من الأمم السابقة المكذبة ﴿أَجَلٌ﴾ وقت لنزول العذاب الذي قدره الله تعالى عليها ﴿فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ﴾ وقت نزول العذاب المعد لاستئصالهم
﴿يَابَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ﴾ أي إن يجئكم ﴿فَمَنِ اتَّقَى﴾ آمن ﴿وَأَصْلَحَ﴾ أعماله ﴿فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ﴾ في الدنيا ﴿وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ في الآخرة
﴿فَمَنْ أَظْلَمُ﴾ أي لا أحد أظلم ﴿مِمَّنِ افْتَرَى﴾ اختلق ﴿أُوْلَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُم مِّنَ الْكِتَابِ﴾ مما هو مكتوب في اللوح المحفوظ؛ من الرزق والأجل ﴿حَتَّى إِذَا جَآءَتْهُمْ رُسُلُنَا﴾ ملائكة الموت ﴿﴾ أي قال لهم ملائكة الموت ﴿أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ﴾ تعبدون ﴿مِن دُونِ اللَّهِ﴾ غيره؛ أي أين هم؟ هل يستطيعون كشف الضر عنكم، أو دفع الموت، أو تخليصكم من أيدينا؟ ﴿قَالُواْ ضَلُّواْ عَنَّا﴾ أي غابوا عنا
﴿قَالَ﴾ لهم ربهم ﴿ادْخُلُواْ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ﴾ مضت ﴿حَتَّى إِذَا ادَّارَكُواْ﴾
أي تداركوا وتلاحقوا
-[١٨٤]- واجتمعوا ﴿قَالَتْ أُخْرَاهُمْ﴾ أي الأمم المتأخرة ﴿لأُولاَهُمْ﴾ لمن تقدمهم من الأمم ﴿رَبَّنَا هَؤُلاءِ﴾ المتقدمين ﴿أَضَلُّونَا﴾ لأنهم ضلوا قبلنا ابتداء فاتبعناهم في ضلالهم؛ ظناً منا أنهم مهتدون ﴿فَآتِهِمْ عَذَاباً ضِعْفاً﴾ أي مضاعفاً ﴿قَالَ لِكُلٍّ﴾ منكما ﴿ضِعْفَ﴾ من العذاب: تابعاً ومتبوعاً، متقدماً ومتأخراً لأن الأولين أتتهم رسلنا فكذبوا فريقاً وقتلوا فريقاً، والآخرين أتتهم رسلنا فكذبوهم وآذوهم؛ فالأولين والآخرين في الكفر سواء فكما أن الخطأ لا يبرر الخطأ؛ كذلك كفر الأولين لا يصح أن يتخذ سبباً لكفر الآخرين و ﴿كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ﴾ ﴿وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾


الصفحة التالية
Icon