﴿فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ﴾ الزلزلة الشديدة ﴿فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ﴾ متلبدين بالأرض، باركين على الركب ميتين
﴿كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَآ﴾ كأن لم يقيموا فيها. والمغنى: المسكن
﴿فَتَوَلَّى﴾ أعرض ﴿عَنْهُمْ وَقَالَ﴾ لهم ﴿يقَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي﴾ التي أرسلني بها إليكم؛ فكذبتموني ﴿وَنَصَحْتُ لَكُمْ﴾ فلم تستمعوا لنصحي ﴿فَكَيْفَ آسَى﴾ أحزن ﴿عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ﴾ بذلت لهم سبل الهداية؛ فازدادوا فجوراً وكفراً، وأسدي لهم النصح؛ فأبوا إلا عتواً وعناداً
﴿أَخَذْنَا أَهْلَهَا﴾ عاقبناهم ﴿بِالْبَأْسَآءِ﴾ الفقر ﴿وَالضَّرَّآءِ﴾ المرض ﴿لَعَلَّهُمْ يَضَّرِّعُونَ﴾ يتذللون
﴿ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ﴾ أبدلناهم مكان الفقر والمرض ﴿الْحَسَنَةَ﴾ الغنى والعافية ﴿حَتَّى عَفَوْاْ﴾ نمت أموالهم، وكثرت أولادهم؛ يقال: عفا الشعر والنبات: إذا كثر. وقد عرَّف تعالى أنه أخذهم بالشدة فلم تنجع، وأخذهم باللين فلم ينفع ﴿وَّقَالُواْ قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّآءُ وَالسَّرَّآءُ﴾ كما مسنا؛ أرادوا أن ينسبوا ذلك إلى الدهر، وإن ما حاق بهم: حاق بمن كان قبلهم؛ وهذا ضرب من ضروب الكفر ﴿فَأَخَذْنَاهُمْ﴾ بالعذاب ﴿بَغْتَةً﴾ فجأة؛ بعد أن بذلنا في إقناعهم كل الأسباب؛ من نعمة وعذاب، وإغناء وإقناء، وصحة وإعلال، ونوال ونكال؛ فاستحقوا بذلك الإهلاك والاستئصال
﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى﴾ الذين كفروا ب الله تعالى، وجحدوا أنعمه، وكذبوا رسله؛ لو أنهم ﴿آمَنُواْ﴾ بربهم ﴿وَاتَّقَواْ﴾ بطشه وعذابه ﴿لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَآءِ وَالأَرْضِ﴾ بالمطر والنبات. فانظر - يا رعاك الله - إلى قول مولاك ﴿لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ﴾ ولم يقل: ﴿أَنزَلْنَا عَلَيْهِمْ﴾ وقال: ﴿بَرَكَاتٍ﴾ ولم يقل: ﴿رِزْقاً﴾ وشتان بين الفتح والإنزال، البركات والأرزاق فالمطر وحده لا يكفل الخصب والإنبات أما البركات فهي وحدها كفيلة بكل شيء.
-[١٩٣]- ﴿وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُمْ﴾ بالعذاب


الصفحة التالية
Icon