﴿فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ﴾ في البحر الذي لا يدرك قعره
﴿وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ﴾ وهم بنو إسرائيل؛ رفعهم من حضيض الذل، إلى أوج العز ﴿وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ﴾ يبنون
﴿فَأَتَوْاْ عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ﴾ يقبلون مواظبين ﴿عَلَى﴾ عبادة ﴿أَصْنَامٍ لَّهُمْ قَالُواْ﴾ أي قال بنو إسرائيل لموسى ﴿يمُوسَى اجْعَلْ لَّنَآ إِلَهاً﴾ نعبده ﴿كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ﴾ يعبدونها ﴿قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ﴾ عجباً لبني إسرائيل: رأوا ما حل بفرعون وقومه جزاء كفرهم ب الله وذاقوا حلاوة نصرهم على عدوهم - جزاء إيمانهم - وحينما يرون أناساً يعبدون الأصنام يقولون: كيف يكون لهم آلهة ولا يكون لنا إلهاً نعبده كما يعبدون؟ ونسوا أنعم الله تعالى عليهم
﴿إِنَّ هَؤُلآءِ﴾ الذين ترونهم يعبدون الأصنام ﴿مُتَبَّرٌ مَّا هُمْ فِيهِ﴾
أي إن ما هم فيه هلاك وخسران. و ﴿مُتَبَّرٌ﴾ مدمر مكسر
﴿قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ﴾ الذي خلقكم، واصطفاكم، وأهلك عدوكم وأنجاكم؛ أغيره ﴿أَبْغِيكُمْ﴾ أبغي لكم ﴿إِلَهاً﴾ معبوداً ﴿وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ فكيف تبتغون غيره، وتطلبون معبوداً سواه؛ وتقولون: ﴿اجْعَلْ لَّنَآ إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ﴾؟ اذكروا يا بني إسرائيل
﴿وَإِذْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِّنْ آلِ فِرْعَونَ﴾ الخطاب موجه لليهود الموجودين في عصر النبي؛ أي اذكروا إذ أنجينا آباءكم وأسلافكم؛ أو هو تذكير لمنته تعالى على بني إسرائيل ﴿يَسُومُونَكُمْ﴾ يذيقونكم ﴿سُوءُ الْعَذَابِ﴾ أشده وأسوأه ﴿﴾ يستبقونهن أحياء، أو يفعلون بهن ما يخل بالحياء ﴿وَفِي ذَلِكُمْ﴾ العذاب والتقتيل ﴿بَلاءً﴾ ابتلاء ومحنة، أو ﴿وَفِي ذَلِكُمْ﴾ العذاب نعمة لكم؛ لأن سنته تعالى جرت على رفع درجات من ابتلى، وإعلاء شأن من امتحن
﴿وَوَاعَدْنَا مُوسَى﴾ بالمناجاة ﴿ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ﴾ فتكون أربعين؛ صامها موسى استعداداً لهذا اللقاء، وتأهباً لتلقي أوامر الله تعالى ﴿فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ﴾ ما وقته له من الوقت ﴿وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي﴾ أي كن خليفتي فيهم، وراعياً لهم
﴿وَلَمَّا جَآءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ﴾ (انظر آية ١٦٤ من سورة النساء) ﴿قَالَ رَبِّ أَرِنِي﴾ نفسك ﴿أَنظُرْ إِلَيْكَ﴾ أي لأنظر إليك وأراك ﴿فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ﴾ تجلى أمره بأن جعل الجبل لا يستقر، وتجلت قدرته بأن ﴿جَعَلَهُ دَكّاً﴾ أي مدكوكاً؛ وليس معنى التجلي: ظهور المولى - جل وعلا - للجبل، أو إبداء نوره؛ كما ذهب إليه أكثر المفسرين؛ والذي حصل: أن الجبل تزلزل واهتز، وانهارت أركانه، وتصدع بنيانه، ومادت أحجاره، وتساقطت صخوره
﴿وَخَرَّ موسَى صَعِقاً﴾ مصعوقاً؛ مغشياً عليه من هول ما رأى ﴿فَلَمَّآ أَفَاقَ﴾ من غشيته، اتجه بكليته و ﴿قَالَ سُبْحَانَكَ﴾ ربي؛ تقدست عن الرؤية، وتعاليت عن الوصف
-[١٩٩]- (انظر آية صلى الله عليه وسلّم من سورة الإسراء) ﴿تُبْتُ إِلَيْكَ﴾ من قولي: ﴿رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ﴾ ﴿وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ بعظمتك، المصدقين بعلوك وتنزيهك فقبل الله تعالى توبته؛ و


الصفحة التالية
Icon