﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُواْ واتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ﴾ أي لكان ذلك ثواباً لهم
﴿رَاعِنَا﴾ راقبنا؛ وهي بلغة اليهود: كلمة سب؛ من الرعونة ﴿انْظُرْنَا﴾ انتظرنا
﴿مَا نَنسَخْ﴾ نبدل ﴿أَوْ نُنسِهَا﴾ من النسيان. وقرىء «أو ننسأها» أي نؤخرها ﴿نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا﴾ أي نأت بآية جديدة حاوية لحكم جديد، خير من الحكم المنسوخ. وقد ذهب كثير من العلماء والمفسرين إلى تقسيم المنسوخ إلى أقسام: منها ما نسخ حكمه ونسخت تلاوته، ومنها ما نسخ حكمه وبقيت تلاوته، ومنها ما نسخت تلاوته وبقي حكمه. فإذا ما استساغ العقل منسوخ الحكم والتلاوة، ومنسوخ الحكم باقي التلاوة؛ فإن القسم الأخير لا يستساغ عقلاً؛ إذ كيف تنسخ التلاوة مع بقاء الحكم؟
ومن ذلك زعمهم أن القنوت في الصلاة من القرآن المنسوخ؛ في حين أن القنوت ورد بألفاظ شتى، وعبارات متباينة، وقد أخذ كل واحد من الأئمة بصيغة تخالف ما أخذه غيره.
كما زعموا أيضاً أن «الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالاً من الله والله عزيز حكيم» من القرآن المنسوخ تلاوة الباقي حكماً.
هذا مع أن الرجم لم ينزل به قرآن البتة؛ بل هو عن الرسول صلوات الله تعالى وسلامه عليه، وتشريع الرسول واجب حتماً كتشريع القرآن؛ لقوله تعالى: ﴿أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ﴾ وقوله جل شأنه: ﴿وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُواْ﴾ وقوله عز وجل: ﴿مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ﴾.
وأفحش هذه المزاعم: روايتهم عن عائشة رضي الله تعالى عنها: كان فيما يقرأ من القرآن «عشر رضعات معلومات يحرمن» وأن ذلك قد نسخ بقوله تعالى «خمس رضعات معلومات يحرمن» وأن النبي توفي وهي فيما يقرأ من القرآن. وأن الدواجن أكلتها بعد موت الرسول صلوات الله تعالى وسلامه عليه
وهذا الزعم يشهد بفساده وبطلانه: وعد القدير العظيم، بحفظ كتابه العزيز الكريم ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ وقد حفظه تعالى من شياطين الإنس والجن؛ فكيف بالدواجن، وضعاف الطير؟ ﴿وَلِيُّ﴾ محب يلي أموركم
﴿أَمْ تُرِيدُونَ أَن تَسْأَلُواْ رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِن قَبْلُ﴾ أي كما سأل قوم موسى موسى بقولهم: ﴿اجْعَلْ لَّنَآ إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ﴾ وقوله: ﴿أَرِنَا اللَّهِ جَهْرَةً﴾ ﴿سَوَآءَ السَّبِيلِ﴾ الطريق السوي
﴿حَسَداً مِّنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ﴾ المراد بالحسد هنا: الأسف على الخير عند الغير (انظر آية ٥ من سورة الفلق)
-[٢١]- ﴿فَاعْفُواْ﴾ عنهم ﴿وَاصْفَحُواْ﴾ عن ذنوبهم ﴿حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ﴾ بالقتال، أو بنمو الإسلام بزيادة بنيه وقدرتهم على دفع عدوهم ﴿وَمَا تُقَدِّمُواْ لأَنْفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ﴾
أي تجدوا ثوابه وجزاءه ﴿هُوداً﴾ أي من اليهود