﴿ثُمَّ أَنَزلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ﴾ طمأنينته ﴿عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾ فنادى الرسول عليه الصَّلاة والسَّلام فيهم: يا معشر الأنصار، يا معشر المهاجرين، يا أصحاب سورة البقرة فرجع المسلمون إليه ﴿وَأَنزَلَ﴾ الله تعالى ﴿جُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا﴾ من الملائكة (انظر آية ٤٢ من سورة الأنفال) ﴿وَعذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُواْ﴾ بالقتل والأسر
﴿ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِن بَعْدِ ذلِكَ عَلَى مَن يَشَآءُ﴾ إسلامه وهدايته من المشركين، أو يتوب على من يشاء من المدبرين المنهزمين؛ لأن الواجب على المجاهد ألا يولي العدو دبره. قال تعالى: ﴿وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَآءَ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾
﴿إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ﴾ لخبث باطنهم، وقذارة ظاهرهم؛ لأنهم لا يغتسلون، ولا يتطهرون، ولا يتجنبون النجاسات؛ فهي دائماً ملابسة لهم ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً﴾ فقراً
﴿حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ﴾ سميت جزية: لأنها جزاء على الكفر ﴿عَن يَدٍ﴾ أي نقداً مقبوضة؛ غير نسيئة ﴿وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ أي تؤخذ منهم الجزية على الصغار؛ وهو الذل والهوان
﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ﴾ وهو أحد أنبياء بني إسرائيل؛ وربما قال هذا القول الأوائل منهم، أو قالوه في زمن الرسول عليه الصَّلاة والسَّلام - عناداً له - لما رأوه منه من تقديس الإله، وتنزيهه عن الولد والوالد، أو نزلت هذه الآية بسبب أن اليهود سمعوا مقالة النصارى بمثل ذلك؛ فلم ينكروا عليهم، أو يردعوهم. وخلاصة القول: إنه لا يوجد الآن بين اليهود من يقول: ﴿عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ﴾ فوجب أن نتأول ذلك بما قلناه. هذا ولو أنه من المعلوم أن اليهود يرتكبون ما هو أشد من نسبة الولد إلى الله
-[٢٢٧]- ﴿يُضَاهِئُونَ﴾ يشابهون بقولهم هذا ﴿قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ﴾
وهم الذين قالوا: الملائكة بناتالله. وقول المشركين: اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى ﴿قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾ كيف يصرفون عن الحق؛ مع قيام الدلائل الواضحة على صدقه


الصفحة التالية
Icon