﴿وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً﴾ يطيب فيها العيش والإقامة ﴿فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ﴾ ﴿الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ﴾ وهي من عدن في المكان: إذا أقام فيه. والمعنى: جنات الإقامة ﴿وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ﴾ أي أكبر من ذلك النعيم الموصوف ﴿ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ الذي لا فوز بعده و ﴿لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ﴾
﴿يأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ﴾ بالسيف ﴿وَالْمُنَافِقِينَ﴾ بالحجة ﴿وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ﴾ في القتال والمحاجة؛ فلا تأخذك بهم رأفة ولا رحمة
﴿يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُواْ﴾ قيل: نزلت في الجلاسبن سويد بن الصامت؛ وقد أقبل هو وابن امرأته مصعب من قباء؛ على حمير لهم. فقال الجلاس: إن كان ما جاء به محمد حقاً؛ لنحن أشر من حميرنا هذه التي نحن عليها. فقال مصعب: أما والله يا عدو الله لأخبرن رسول الله بما قلت؛ فإني إن لا أفعل أخاف أن تصيبني قارعة وأؤاخذ بخطيئتك فلما أتيا النبي؛ قال مصعب: يا رسول الله أقبلت أنا والجلاس من قباء، فقال كذا وكذا. فقال للجلاس: «أقلت الذي قال مصعب»؟ فحلف ما قال؛ فنزلت ﴿يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُواْ﴾ ﴿وَهَمُّواْ﴾ بالفتك بالنبي ﴿بِمَا لَمْ يَنَالُواْ﴾ لأن الله تعالى عصمه منهم؛ قال تعالى: ﴿وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾ ﴿وَمَآ﴾ أي وما أنكروا، وما عابوا ﴿إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ﴾
قيل: قتل مولى للجلاس؛ فقضى رسول الله له بديته؛ فكانت سبباً في غناه ﴿فَإِن يَتُوبُواْ﴾ عن النفاق، وعن كلمة الكفر ﴿يَكُ خَيْراً لَّهُمْ﴾ في الدنيا والآخرة ﴿وَإِن يَتَوَلَّوْا﴾ يعرضوا ويصروا على النفاق ﴿يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيَا﴾ بالقتل، والأسر، والذل ﴿وَالآخِرَةِ﴾ بالنار وبئس القرار
﴿وَمِنْهُمُ﴾ أي من المنافقين ﴿مَّنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ﴾ رزقه وسعته. قيل: هو ثعلبة بن حاطب
﴿فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ﴾ أي جعل عاقبتهم النفاق في القلب، وهو البخل لأن البخيل يخفي نعمة الله تعالى عليه
-[٢٣٦]- ولا يبديها. ونفاق القلب: أسوأ مراتب النفاق


الصفحة التالية
Icon