﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ﴾ أي ما يجوز لهم ولا يحق ﴿أَن يَسْتَغْفِرُواْ﴾ يطلبوا من الله المغفرة ﴿لِلْمُشْرِكِينَ﴾ الذين يتخذون مع الله إلهاً آخر ﴿وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى﴾ أي ولو كان المشركون ذوي قرابة للنبي والذين آمنوا. قيل: نزلت حين استغفر لعمه أبي طالب، واستغفر بعض المؤمنين لآبائهم المشركين ﴿مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ﴾ لأنهم ماتوا على الكفر؛ وليس بعد الكفر ذنب. قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ﴾
﴿وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ﴾ حين استغفر له ﴿إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَآ إِيَّاهُ﴾ وهي قوله لأبيه حال حياته ﴿سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي﴾ والمعنى: أنه لا يجوز لكم أيها المؤمنون المستغفرون للمشركين؛ أن تحتجوا باستغفار إبراهيم لأبيه؛ لأنه استغفر له عن موعدة وعدها إياه، ولأنه لم يتبين له بعد أنه من أعداء الله، وأنه من أصحاب الجحيم ﴿فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ للَّهِ﴾ بإبائه الإيمان، وموته على الكفر ﴿تَبَرَّأَ مِنْهُ﴾ وترك الاستغفار له ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ﴾ كثير التأوه من خشية الله تعالى
﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ﴾ وإنما يضل من أصر على الكفر ﴿وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ﴾ ﴿كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُّرْتَابٌ﴾
﴿لَقَدْ تَابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ﴾ تاب عليهم: رزقهم الإنابة إلى أمره وطاعته ﴿الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ﴾ في غزوة تبوك: كان للعشرة رجال البعير الواحد، وكان زادهم التمر المدود، والشعير المسوس؛ وربما اقتسم اثنان منهم التمرة الواحدة.


الصفحة التالية
Icon