﴿فَلَمَّا جَآءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُّوسَى أَلْقُواْ مَآ أَنتُمْ مُّلْقُونَ﴾ وذلك بعد أن قالوا له: «إما أن تلقي وإما أن نكون نحن الملقين» ﴿حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ﴾ حبالهم وعصيهم
﴿قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ﴾ أي إن الذي جئتم به الآن هو السحر؛ لا ما اتهمتموني به؛ و ﴿إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ﴾ لأن سنته تعالى في خلقه: أنه ﴿لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ﴾ يظهره ويعليه ﴿بِكَلِمَاتِهِ﴾ بأمره وقدرته
﴿فَمَآ آمَنَ لِمُوسَى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ﴾ أي طائفة من أبناء قومه؛ أما كبارهم فاستكبروا وعتوا وهذه الطائفة التي آمنت؛ إنما آمنت ﴿عَلَى خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ﴾ أي رغم خوفهم من فرعون، وخوفهم من ملئهم؛ الذين هم أهلوهم وآباؤهم. أو على خوف من فرعون وشيعته ﴿أَن يَفْتِنَهُمْ﴾ أن يعذبهم ﴿وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ﴾ متكبر جبار ﴿وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ﴾ المتجاوزين للحد: بكفره وادعائه الربوبية
﴿فَقَالُواْ عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا﴾ وهو لا شك معيننا وناصرنا (انظر آية ٨١ من سورة النساء) ﴿رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً﴾ أي موضع فتنة ﴿لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ بحيث يفتنوننا عن ديننا، ويضلوننا. والفاتن: المضل عن الحق. أو «فتنة» بمعنى عذاباً. أي لا تجعلنا موضع عذابهم وانتقامهم
﴿وَأَوْحَيْنَآ إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا﴾ أي اتخذا. يقال: تبوأ المنزل: إذا نزله واتخذه سكناً ﴿وَاجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً﴾ أي مساجد تصلون فيها سراً؛ خوفاً من أذى فرعون وملئه
﴿وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَآ إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ زِينَةً﴾ فرشا وثيراً، وملبساً حسناً، ومسكناً فخماً، ومركباً فارهاً، وحلياً نفيسة ﴿وَأَمْوَالاً﴾ وفيرة
-[٢٥٩]- ﴿لِيُضِلُّواْ﴾ الناس ﴿عَن سَبِيلِكَ﴾ عن دينك الحق القويم ﴿رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ﴾ أي أهلكها وأذهب آثارها ﴿وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ اطبع عليها؛ جزاء تمسكهم بكفرهم، واستهزائهم بنبيهم، وإيذائهم للمؤمنين ﴿فَلاَ يُؤْمِنُواْ﴾ لك ﴿حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ﴾ الذي تنزله بالمستهزئين، وتلحقه بالكافرين


الصفحة التالية
Icon