﴿قَالَ إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا﴾ الآن ﴿فَإِنَّا نَسْخَرُ﴾ أي سنسخر ﴿مِنكُمْ﴾ حين ننجو في السفينة بأمر الله تعالى؛ ويدرككم الغرق
﴿فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ في القيامة ﴿مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ﴾ يفضحه ﴿وَيَحِلُّ﴾ ينزل ﴿عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ﴾ أي دائم
﴿حَتَّى إِذَا جَآءَ أَمْرُنَا﴾ بالعذاب؛ قلبنا الأوضاع ومحونا طبائع الأشياء: فجعلنا الماء يخرج من مصدر النار، والأرض تمتنع عن شربه ﴿وَفَارَ التَّنُّورُ﴾ نبع الماء من التنور بغزارة؛ و «التنور» هو ما يصنع فيه الخبز - وقد صار مصدراً للماء، بعد أن كان مصدراً للنار - من باب خرق العوائد ﴿قُلْنَا﴾ لنوح ﴿احْمِلْ فِيهَا﴾ أي في السفينة ﴿مِن كُلٍّ﴾ أي من كل نوع من الأنواع، وجنس من أجناس المخلوقات ﴿زَوْجَيْنِ﴾ ذكر وأنثى؛ لحفظ النوع بعد الطوفان ﴿وَأَهْلَكَ﴾ أي واحمل أيضاً في السفينة أهلك ﴿إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ﴾ بالإهلاك؛ وهم زوجته وولده كنعان؛ الذي ناداه أبوه لينجيه من الهلاك المحقق
﴿وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ﴾ وفي قراءة «ابنها» والضمير لامرأته، وأنه كان ربيبه لا ابنه
﴿إِلاَّ مَن رَّحِمَ﴾ أي إلا من رحمه الله تعالى بالإيمان، والحمل في السفينة.
فلما تم ما أراده الله تعالى؛ من نفاذ أمره، وهلاك أعدائه: أعاد طبائع الأشياء إلى ما كانت عليه، وتولى حفظها
﴿وَقِيلَ يأَرْضُ﴾ ارجعي سيرتك الأولى، و ﴿ابْلَعِي مَآءَكِ﴾ كطبيعتك التي أودعتها فيك
-[٢٦٩]- ﴿وَيسَمَآءُ أَقْلِعِي﴾ أمسكي عن المطر ﴿وَغِيضَ الْمَآءُ﴾ نقص ونضب ﴿وَقُضِيَ الأَمْرُ﴾ الذي أراده الله تعالى ﴿وَاسْتَوَتْ﴾ استقرت السفينة ﴿عَلَى الْجُودِيِّ﴾ جبل بأرض الجزيرة؛ قرب الموصل. وليس على جبال أرارات؛ كما يزعم الآن بعض المكتشفين - من أنهم رأوا هناك أجزاء من سفينة نوح عليه السلام - فما كل خشبة بسفينة، ولا كل سفينة بسفينة نوح ﴿وَقِيلَ بُعْداً﴾ أي هلاكاً وسحقاً ﴿لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ الكافرين


الصفحة التالية
Icon