﴿وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ﴾ عذابه ﴿إِذَا أَخَذَ الْقُرَى﴾ بالعذاب
﴿إِنَّ فِي ذلِكَ﴾ القصص الذي قصصناه عليك من أخبار الأمم الهالكة ﴿لآيَةً﴾ لعبرة وعظة ﴿لِّمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخِرَةِ﴾ وما أعده الله تعالى فيها ﴿ذلِكَ يَوْمٌ﴾ يوم القيامة ﴿مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ﴾ جميعاً: مؤمنهم وكافرهم ﴿وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ﴾ أي يشهده كل المخلوقات، لا يغيب عنه أحد
﴿وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلاَّ لأَجَلٍ﴾ وقت ﴿مَّعْدُودٍ﴾ معلوم عند ربك
﴿يَوْمَ يَأْتِ﴾ ذلك اليوم ﴿لاَ تَكَلَّمُ﴾ لا تتكلم ﴿نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ﴾ لا يشفع أحد إلا بإذنه تعالى ﴿مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ﴾ ﴿فَمِنْهُمْ﴾ أي من أهل الموقف ﴿شَقِيٌّ﴾ معذب في النار ﴿وَسَعِيدٌ﴾ ومنهم سعيد: منعم في الجنة
﴿فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُواْ فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ﴾ الزفير: خروج النفس بشدة.
والشهيق: رد النفس بشدة أيضاً. وقيل: رده بضعف شديد كالحشرجة. وهو إشارة إلى أنهم يكونون في شدة الكرب والضيق
﴿خَالِدِينَ فِيهَا﴾ أي في النار ﴿مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ﴾ أي مدة بقائهما؛ وهو على عادة العرب عند إخبارهم عن دوام الشيء وتأبيده؛ كقولهم: لا آتيك ما غاب ليل وطلع نهار. فأخبر تعالى أنهم باقون في النار والعذاب أبد الآبدين، ودهر الداهرين ﴿إِلاَّ مَا شَآءَ رَبُّكَ﴾ أن ينجيه من الخلود في النار، أو بالانتقال من النار إلى الزمهرير
﴿وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا﴾ أبداً ﴿إِلاَّ مَا شَآءَ رَبُّكَ﴾ من إقامة بعض عصاة المؤمنين في النار قبل دخولهم الجنة ﴿عَطَآءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ﴾ غير مقطوع
﴿فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ﴾ شك ﴿مِّمَّا يَعْبُدُ هَؤُلاءِ﴾ أي قل يا محمد لكل من شك في عبادة هؤلاء المشركين: «لا تك في مرية مما يعبد هؤلاء» فلم يأمرهم الله تعالى بها. ولم ينزل عليهم سلطاناً بشأنها ﴿مَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ كَمَا يَعْبُدُ آبَاؤُهُم مِّن قَبْلُ﴾ أي أنهم إنما عبدوها كما كان آباؤهم يعبدونها. وقيل: هو نهي للرسول؛ والمقصود به أمته: تثبيتاً لهم، وتقوية لإيمانهم ﴿وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ﴾ من العذاب، أو من الرزق؛ فلا تستعجل إهلاكهم.