﴿قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَمَآ أَمِنتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ﴾ يوسف ﴿مِن قَبْلُ﴾ ففجعتموني فيه ﴿فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ يرحم ضعفي وذلتي، وحسرتي على مهجتي؛ فيحفظ لي ولدي، ويرده إليَّ
﴿وَلَمَّا فَتَحُواْ مَتَاعَهُمْ وَجَدُواْ بِضَاعَتَهُمْ﴾ التي أمر يوسف بدسها في رحالهم ﴿رُدَّتْ إِلَيْهِمْ﴾ فعجبوا من ذلك، و ﴿قَالُواْ يأَبَانَا مَا نَبْغِي﴾ أي أي شيء نطلب بعد ذلك؟ ﴿هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا﴾ تفضلاً وكرماً. أو «ما» نافية؛ أي لا نبغي شيئاً منك؛ بل تكفينا بضاعتنا هذه التي ردت إلينا ﴿وَنَمِيرُ أَهْلَنَا﴾ من الميرة؛ أي نجلب لهم الطعام ﴿وَنَحْفَظُ أَخَانَا﴾ في رحلتنا هذه ﴿وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ﴾
أي حمل بعير لأخينا بنيامين ﴿ذلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ﴾ على الملك؛ لا يبخل به علينا؛ وقد رأينا من كرمه وسخائه ما رأينا
﴿قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِّنَ اللَّهِ﴾ عهداً وقسماً ﴿لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ﴾ أي إلا أن يحيط بكم العدو، ويصير ليس في إمكانكم النجاة به ﴿فَلَمَّآ آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ﴾ حلفوا له على ذلك ﴿قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ﴾ رقيب مطلع
﴿وَقَالَ﴾ موصياً لهم ﴿يبَنِيَّ لاَ تَدْخُلُواْ﴾ المدينة ﴿مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُواْ مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ﴾ قيل: كانت وصية يعقوب: خشية من العين. والذي أراه أنه خشي أن يصيبهم مكروه مجتمعين؛ فيحل بهم جميعاً. وقيل: خشية أن يراهم الملك مجتمعين ويرى عددهم، واستواء أجسامهم، وقوتهم، فيبطش بهم: حسداً لهم، أو خوفاً منهم ﴿وَمَآ أُغْنِي عَنكُمْ مِّنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ﴾ لا أدفع عنكم شيئاً أراده الله تعالى بكم.


الصفحة التالية
Icon